فيه اجعلوه قائما أي دائما مستمرا من غير خلاف فيه ولا اضطراب انتهى ولعله أراد بالصلاة والزكاة والصيام والحج مطلقا لا ما نعرفه منها فإن الصلوات الخمس والزكاة المخصوصة وصيام شهر رمضان من خواص هذه الأمة على الصحيح والظاهر أن حج البيت لم يشرع لأمة موسى وأمة عيسى عليهما السلام ولا لأكثر الأمم قبلهما على أن الآية مكية ولم تشرع الزكاة المعروفة وصيام رمضان إلا في المدينة وبالجملة لا شك في اختلاف الأديان في الفروع نعم لا يبعد اتفاقها فيما هو من مكارم الأخلاق واجتناب الرذائل كبر أي عظم وشق على المشركين ما تدعوهم إليه على سبيل الأستمرار التجددي من التوحيد ورفض عبادة الأصنام ويشعر بإرادته التعبير وهو أصل الأصول وأعظم ما شق عليهم كما تنبيء بذلك الآيات أو ما تدعوهم إليه من إقامة الدين وعدم التفرق فيه الله يجتبي إليه من يشاء تسلية له ص - بأن منهم من تجنب و يجتبي من الأجتباء بمعنى الأصطفاء والضمير في إليه لله تعالى كما ذكر محي السنة وغيره وكذا الضمير في قوله تعالى : ويهدي إليه من ينيب .
13 .
- أي يصطفي إليه سبحانه من يشاء اصطفاءه ويخصصه سبحانه بفيض إلهي يتحصل له منه أنواع النعم ويهدي إليه D بالأرشاد والتوفيق من يقبل إليه تعالى شأنه وعدي الأجتباء بإلى لما فيه من الجمع على ما يفهم من كلام الراغب وجعله جمع من الجباية بمعنى الجمع يقال : جببت الماء في الحوض جمعته فيه فمنهم من اختار جعل ضمير إليه في الموضعين لما لما فيه من اتساق الضمائر أي يجتلب ويجمع من يشاء اجتلابه وجمعه إلى ما تدعوهم إليه ومنهم من اختار جعله للدين لمناسبة معنوية هي اتحاد المتفرق فيه والمجتمع عليه والزمخشري اختار كونه من الجباية بمعنى الجمع وعود الضمير على الدين وما ذكره محيي السنة وغيره قال في الكشف أظهر وأملأ بالفائدة أما الثاني فللدلالة على أن أهل الأجتباء غير أهل الأهتداء وكلتا الطائفتين هم أهل الدين والتوحيد الذين لم يتفرقوا فيه وعلى مختار طائفة واحدة .
وأما الأول فلأن الأجتباء بمعنى الأصطفاء أكثر استعمالا ولأنه يدل أن أهل الدين هم صفوة الله تعالى أجتباهم إليه واصطفاهم لنفسه سبحانه وأما الذي آثره الزمخشري فكلام ظاهري بناه على أن الأكلام في عدم التفرق في الدين فناسب الجمع والأنتهاء إليه وقيل : ما تدعوهم إليه على معنى ما تدعوهم إلى الأيمان به والمراد به الرسالة أي ثقلت عليهم رسالتك وعظم لديهم تخصيصنا إياك بالرسالة والوحي دونهم وقوله تعالى : الله يجتبي إليه من يشاء رد عليهم على نحو الله أعلم حيث يجعل رسالته وما قدمنا أظهر وما تفرقوا أي أمم الأنبياء بعد وفاة أنبيائهم كما في الكشف منذ بعث نوح عليه السلام في الدين الذي دعوا إليه واختلفوا فبه في وقت من الأوقات ألا من بعد ما جاءهم العلم من أنبيائهم بأن الفرقة ضلال وفساد وأمر متوعد عليه وهذا يؤيد ما دل عليه سابقا من أن الأمم القديمة والحديث أمروا باتفاق الكلمة وإقامة الدين والمراد بالعلم سببه مجازا مرسلا ويجوز أن يكون التجوز في الأسناد وأن يكون الكلام بتقدير مضاف أي جاءهم سبب العلم وقد يقال جاء مجاز عن حصل والأستثناء على ما أشرنا إليه مفرغ من أعم الأوقات وجوز أن يكون من أعم الأحوال أي ما تفرقوا في حال من الأحوال إلا حال مجيء العلم بغيا بينهم أي غداوة على أن البغي