أنت عليهم بوكيل كالتعليل للنهي عن شدة حرصه صلى الله تعالى عليه وسلم على أيمانهم فالظالمون مظهر أقيم مقام ضمير المتخذين ليفيد أن ظلمهم لما بعده أو هو للجنس ويتناولهم تناولا أوليا وعدل عن الظاهر إلى ما في النظم الجليل إذ الكلام في الأنذار وهو أبلغ في تخويفهم لأشعاره بأن كونهم في العذاب أمر مرفوع منه وإنما الكلام في أنه بعد تحتمه هل من يخلصهم بالدفع أو الرفع فإذا نفي ذلك علم أنهم في عذاب لأخلاص منه .
وتعقب بأن فرض جعلا لكل مؤمنين يأباه تصدير الأستدراك بأدخال بعضهم في رحمته تعالى إذ الكل حينئذ داخلون فيها فكان المناسب حينئذ تصديره بإخراج بعضهم من بينهم وإدخالهم في عذابه وربما يقال : حيث أن الآية متعلقة بما سمعت كان المراد ولو شاء الله تعالى لجعل الجميع مؤمنين كما تريد وتحرص ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك بل جعل بعضهم مؤمنا كما أردت وجعل بعضهم الآخر وهم المتخذون من دونه أولياء كفارا لأخلاص لهم من العذاب حسبما تقتضيه الحكمة وكان التصدير بما صدر به مناسبا كما لا يخفى على من له ذوق بأساليب الكلام إلا أن الظاهر على هذا أدخل من شاء من دون يدخل من يشاء لكن عدل عنه إليه حكاية للحال الماضية وقال شيخ الأسلام : الذي يقتضيه سابق النظم الكريم وسياقه أن يراد الأتحاد في الكفر كما في قوله تعالى : كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين الآية على أحد الوجهين فالمعنى ولو شاء الله تعالى لجعلهم أمة واحدة وتفقة على الكفر بأن لا يرسل إليهم رسولا لينذرهم ما ذكر من يوم الجمع وما فيه من ألوان الأهوال فيبقوا على ما هم عليه من الكفر ولكن يدخل من يشاء في رحمته سبحانه أي شأنه سبحانه أي شأنه عز شأنه ذلك فيرسل إلى الكل من ينذرهم ما ذكر فيتأثر بعضهم بالأنذار فيصرفون اختيارهم إلى الحق فيوفقهم الله تعالى للأيمان والطاعات ويدخلهم في رحمته D ولا يتأثر به الآخرون ويتمادو وهم الظالمون فيبقون في الدنيا على ما هم عليه من الكفر ويصيرون في الآخرة إلى السعير من غير ولي يلي أمرهم ولا نصير يخلصهم من العذاب انتهى .
ولا يخفى أن بين قوله تعالى : كان الناس أمة واحدة الآية وقوله سبحانه : ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة بالمعنى الذي اختاره هنا فيهما نوع تناف فتدبر جميع ذلك والله تعالى الموفق أم اتخذوا من دونه أولياء جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من انتفاء أن يكون للظالمين ولي أو نصير وكلام الكشاف يومي إلى أنه متصل بقوله تعالى : والذين اتخذوا الخ على معنى دع الأهتمام بشأنهم واقطع الطمع في أيمانهم وكيت وكيت أليسوا الذين اتخذوا من دونه تعالى أولياء وهو سبحانه الولي الحقيقي القادر على كل شيء وعدلوا عنه D إلا ما لا نسبة بينه تعالى وبينه أصلا وإن قوله سبحانه وكذلك أوحينا الآية اعتراض مؤكد لمضمون الآيتين و أم على القولين منقطعة وهي تقدر في الأغلب ببل والهمزة وقدرها جماعة هنا بهما إلا أن علىالقول الثاني للأضراب وعلى القول الأول للأنتقال من بيان ما قبلها إلى بيان ما بعدها والهمزة قيل : لأنكار الواقع واستقباحه وقيل : لا بل لأنكار الوقوع ونفيه على أبلغ وجه وآكده إذ المراد بيان أنما فعلوا ليس من اتخاذ الأولياء في شيء لأن ذلك فرع كون الأصنام أولياء وهو أظهر الممتنعات أي بل اتخذوا متجاوزين الله تعالى أولياء من الأصنام وغيرها فالله هو الولي قيل : هو جواب شرط مقدر أي إن أرادوا وليا بحق فالله تعالى هو الولي بحقلا ولي بحق سواه D وكونه جواب الشرط على معنى الأخبار ونحوه .
وقال في البحر : لا حاجة إلى اعتبار شرط محذوف والكلام يتم بدونه ولعله يريد ما قيل : إنه عطف على