له والمعنى على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه وتركتوه من أنوا الخير فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها وعبر عنها بالإيمان لتعلقها بها أو لأن اليمين بمعنى الحلف تقول حلفت يمينا كما تقول حلفت حلفا فسمى المفعول بالمصدر كما في قوله فيما أخرجه مسلم وغيره : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير وقيل : على في الحديث زائدة لتضمن معنى الإستعلاء وقوله تعالى أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس عطف بيان لإيمانكم وهو في غير الأعلام كثير وفيها أكثر وقيل : بدل وضعف بأن المبدل منه لا يكون مقصودا بالنسبة بل تمهيد وتوطئة للبدل وههنا ليس كذلك واللام صلة عرضة وفيها معنى الإعتراض أو بتجعلوا والأول أولى وإن كان المآل واحدا وجوز أن تكون الإيمان على حقيقتها واللام للتعليل وأن تبروا في تقدير لأن ويكون صلة للفعل أو لعرضة والمعنى لا تجعلوا الله تعالى : حاجزا لأجل حلفكم به عن البر والتقوى والإصلاح وعلى الثاني ولا تجعلوا الله نصبا لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل لأن في ذلك نوع جرأة على الله تعالى وهو التفسير المأثور عن عائشة رضي الله تعالى عنها وبه قال الجبائي وأبو مسلم وروته الإمامية عن الأئمة الطاهرين ويكون أن تبروا علة للنهي على معنى أنهيكم عنه طلب بركم وتقواكم وإصلاحكم إذ الحلاف مجتريء على الله تعالى والمجتريء عليه بمعزل عن الإتصاف بتلك الصفات ويؤل إلى لا تكثروا الحلف بالله تعالى لتكونوا بارين متقين ويعتمد عليكم الناس فتصلحوا بينهم وتقدير الطلب ونحوه لازم إن كان أن تبروا في موضع النصب ليتحقق شرط حذف اللام وهو المقارنة لأن المقارنة للنهي ليس هو البر والتقوى والإصلاح بل طلبها وإن كان في موضع الجر بناءا على أن حذف حرف الجر من أن وإن قياسي فليس بلازم وإنما قدروه لتوضيح المعنى والمراد به طلب الله تعالى لا طلب العبد وإن أريد ذلك كان علة للكف المستفاد من النهي كأنه قيل : كفوا أنفسكم من جعله سبحانه عرضة وطلب العبد صالح للكف والله سميع لأقوالكم وأيمانكم عليم 422 بأحوالكم ونياتكم فحافظوا على ما كلفتموه ومناسبة الآية لما قبلها أنه تعالى لما أمرهم بالتقوى نهاهم عن إبتذال أسمه المنافي لها أو نهاهم عن أن يكون أسمه العظيم حاجزا لها ومانعا منها لا يؤخذاكم الله باللغو في أيمانكم اللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره ولغو اليمين عند الشافعي رضي الله تعالى عنه ما سيق له اللسان وما في حكمه مما لم يقصد منه اليمين كقول العرب لا والله لا بالله لمجرد التأكيد وهو المروى عن عائشة وإبن عمر وغيرهما في أكثر الروايات والمعنى لا يؤاخذكم أصلا بما لا قصد لكم فيه من الأيمان .
ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم أي بما قصدتم من الإيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم ولا يعارض هذه الآية ما في المائدة من قوله تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يواخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين إلخ بناءا على أن مقتضى هذه المؤاخذة بالغموض لأنها من كسب القلب وتلك تقتضي عدمها لأن اللغو فيها خلاف المعقودة وهي ما يحلف فيها على أمر في المستقبل أن يفعل ولا يفعل لوقوعه في مقابلة قوله سبحانه : بما عقدتم الإيمان فيتناول الغموس وهو الحلف على أمر ماض متعمد الكذب فيه ولغويته لعدم تحقق البر فيه الذي هو فائدة اليمين الشرعية لأن الشافعي حمل بما عقدتم على كسب القلب من عقدت على كذا عزمت عليه ولم يعكس لأن العقد مجمل يحتمل عقد القلب ويحتمل ربط الشيء بالشيء والكسب مفسر ومن القواعد حمل المجمل على المفسر وإذا حمل عليه شمل الغموس وكان اللغو