إلى عدم إعتباره لضعف النسبة وقوة الداعي إلى التقدير وعدمه أولى وإنما وصف بأنه أذى ورتب الحكم عليه بالفاء ولم يكتف في الجواب بالأمر للأشعار بأنه العلة والحكم المعلل أوقع في النفس .
ولا تقربوهن حتى يطهرن تقرير للحكم السابق لأن الأمر بالإعتزال يلزمه النهي عن القربان وبالعكس فيكون كل منهما مقررا وإن تغايرا بالمفهوم فلذا عطف أحدهما على الآخر وفيه بيان لغايته فإن تقييد الإعتزال بقوله سبحانه وتعالى : في المحيض وترتبه على كونه أذى يفيد تخصيص الحرمة بذلك الوقت ويفهم منه عقلا إنقطاعها بعده ولا يدل عليه اللفظ صريحا بخلاف حتى يطهرن والغاية إنقطاع الدم عند الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فإن كان الإنقطاع لأكثر مدة الحيض حل القربان بمجرد الإنقطاع وإن كان لأقل منها لم يحل إلا بالإغتسال أو ما هو في حكمه من مضي وقت صلاة وعند الشافعية هي الإغتسال بعد الإنقطاع قالوا : ويدل عليه صريحا قراءة حمزة والكسائي وعاصم في رواية إبن عياش يطهرن بالتشديد أي يتطهرن والمراد به يغتسلن لا لأن الإغتسال معنى حقيقي للتطهير كما يوهمه بعض عباراتهم لأن إستعماله فيما عدا الإغتسال شائع في الكلام المجيد والأحاديث على ما لا يخفى على المتتبعبل لأن صيغة المبالغة يستفاد منها الطهارة الكاملة والطهارة الكاملة للنساء عن المحيض هو الإغتسال فلما دلت قراءة التشديد على أن غاية حرمة القربان هو الإغتسال والأصل في القرءات التوافق حملت قراءة التخفيف عليها بل قد يدعى أن الطهر يدل على الإغتسال أيضا بحسب اللغة ففي القاموس طهرت المرأة أنقطع دمها وأغتسلت من الحيض كتطهرت وأيضا قوله تعالى : فإذا تطهرن فأتوهن يدل إلتزاما على أن الغاية هي الإغتسال لأنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل فهو يقوى كون المراد بقراءة التخفيف الغسل لا الإنقطاع وربما يكون قرينة على التجوز في الطهر بحمله على الإغتسال إن لم يسلم ما تقدم وعلى فرض عدم تسليم هذا وذاك والرجوع إلى القول بأن قراءة التخفيف من الطهر وهو حقيقة في إنقطاع الدم لا غير ولا تجوز ولا قرينة وقراءة التشديد من التطهر ويستفاد منه الإغتسال يقال أيضا في وجه الجمع كما في الكشف : إن القراءة بالتشديد لبيان الغاية الكاملة وبالتخفيف لبيان الناقصة وحتى في الأفعال نظير إلى في أنه لا يقتضي دخول ما بعدها فتكون الكاملة البتة وبيانه أن الغاية الكاملة ما يكون غاية بجميع أجزائه وهي الخارجة عن المغيا والناقصة ما تكون غاية بإعتبار آخرها وحتى الداخلة على الأسماء تقتضي دخول ما بعدها لولا الغاية والداخلة على الأفعال مثل إلى لا تقتضي كون ما بعدها جزءا لما قبلها فإنقطاع الدم غاية للحرمة بإعتبار آخره فيكون وقت الإنقطاع داخلا فيها والإغتسال غاية لها بإعتبار أوله فلا تعارض بين القراءتين ولعل فائدة بيان الغايتين بيان مراتب حرمة القربان فإنها أشد قبل الإنقطاع مما بعده ولما رأى ساداتنا الحنفية أن ههنا قراءتين التخفيف والتشديد وأن مؤدي الأولى إنتهاء الحرمة العارضة على الحل بإنقطاع الدم مطلقا فإذا أنتهت الحرمة العارضة حلت بالضرورة وإن مؤدي الثانية عدم إنتهائها عنده بل بعد الإغتسال ورأوا أن الطهر إذا نسب إلى المرأة لا يدل على الإغتسال لغة بل معناه فيها إنقطاع الدم وهو المروي عن إبن عباس ومجاهد وفي تاج البيهقي طهرت خلاف طمثت وفي شمس العلو أم أمرأة طاهر بغيرهاءإنقطع دمها وفي الأساس أمرأة طاهر ونساء طواهر طهرن من الحيض ولا يعارض ذلك ما في القاموس لجواز أن يكون بيانا للإستعمال ولو مجازا على ما هو طريقته في كثير من الألفاظ وأن الحمل على الإغتسال مجازا من غير قرينة معينة له مما لا يصح وإعتبار فإذا تطهرن فأتوهن قرينة بناءا على ماذكروا ليس بشيء وما ذكروه في وجه