حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت فسئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله هذه الآية فقال : جامعوهن في البيوت وأصنعوا كل شيء إلا النكاح وعن السديإن الذي سأل عن ذلك ثابت بن الدحداح رضي الله تعالى عنهوالجملة معطوفة على ما تقدم من مثلها ووجه مناسبتها له أنه لما نهى عن مناكحة الكفار ورغب في مناكحة أهل الإيمان بين حكما عظيما من أحكام النكاح وهو حكم النكاح في الحيض ولعل حكاية هذه الأسئلة الثلاثة بالعطف لوقوع الكل في وقت واحد عرفي وهو وقت السؤال عن الخمر والميسر فكأنه قيل : يجمعون لك بين السؤال عنهما والسؤال عن كذا وكذا : وحكاية ما عداها بغير عطف لكونها كانت في أوقات متفرقة فكان كل واحد سؤالا مبتدأ ولم يقصد الجمع بينهما بل الأخبار عن كل واحد على حدة فلهذا لم يورد الواو بينها وقال صاحب الإنتصاف في بيان العطف والترك : إن أول المعطوفات عين الأول من المجردة ولكن وقع جوابه أولا بالمصرف لأنه الأهم وإن كان المسئول عنه إنما هو المنفق لا جهة مصرفة ثم لما لم يكن في الجواب الأول تصريح بالمسئول عنه أعيد السؤال ليجابوا عن المسئول عنه صريحا وهو العفو الفاضل فتعين إذا عطفه ليرتبط بالأول وأما السؤال الثاني من المقرونة فقد وقع عن أحوال اليتامى وهل يجوز مخالطتهم في النفقة والسكنى فكان له مناسبة مع النفقة بإعتبار أنهم إذا خالطوهم أنفقوا عليهم فلذا عطف على سؤال الإنفاق وأما السؤال الثالث فلما كان مشتملا على إعتزال الحيض ناسب عطفه على ما قبله لما فيه من بيان ما كانوا يفعلونه من إعتزال اليتامى وإذا أعتبرت الأسئلة المجردة من الواو لم تجد بينها مداناة ولا مناسبة البتة إذ الأول منها عن النفقة والثاني عن القتال في الشهر الحرام والثالث عن الخمر والميسر وبينها من التباين والتقاطع ما لا يخفى فذكرت كذلك مرسلة متقاطعة غير مربوطة بعضها ببعض وهذا من بدائع البيان الذي لا تجده إلا في الكتاب العزيز .
ولا أرى القلب يطمئن به كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما ذكرناه فتدبر والمحيض كما قال الزجاج : وعليه الكثير مصدر حاضت المرأة تحيض حيضا ومحاضا فهو كالمجيء والمبيت وأصله السيلان يقال : حاض السيل وفاض قال الأزهري : ومنه قيل : للحوض حوض لأن الماء يحيض إليه أي يسيل والعرب تدخل الواو على الياء لأنهما من جنس واحد وقيل : إنه هنا أسم مكان ونسب إلى إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وحكى الواحدي عن إبن السكيت أنه إذا كان الفعل من ذوات الثلاثة نحو كال يكيل وحاض يحيض فأسم المكان منه مكسور والمصدر منه مفتوح وحكى غيره عن غيره التخيير في مثله بل قيل إن الكسر والفتح جائزان في أسم الزمان والمكان والمصدر وعلى ما نسب للترجمان وأختاره الإمام يحتاج إلى الحذف في قوله تعالى : قل هو أذى أي موضع أذى وكذا يحتاج إلى إعتبار الزمان في قوله سبحانه :