مثل الذين خلوا من قبلكم أي مثل مثلهم وحالهم العجيبة فالكلام على حذف مضاف و الذين صفة لمحذوف أي المؤمنين ومن قبلكم متعلق ب خلوا وهو كالتأكيد لما يفهم منه .
مستهم الباساء والضراء بيانللمثلعلى الإستئناف سواء قدر كيف ذلك المثل أو لا وجوز أبو البقاء كونها حالية بتقدير قد زلزلوا أي أزعجوا إزعاجا شديدا بأنواع البلاء .
حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه أي إنتهى أمرهم من البلاء إلى حيث أضطروا إلى أن يقول الرسول وهو أعلم الناس بما يليق به تعالى وما تقتضيه حكمته والمؤمنون المقتدون بآثاره المهتدون بأنواره متى يأتي نصر الله طلبا وتمنيا له وأستطالة لمدة الشدةلا شكا وإرتياباوالمراد من الرسول الجنس لا واحد بعينه وقيل : هو اليسع وقيل : شعياء وقيل : أشعياء وعلى التعيين يكون المراد من الذين خلوا قوما بأعيانهموهم أتباع هؤلاء الرسلوقرأ نافع يقول بالرفع على أنها حكاية حال ماضية و معه يجوز أن يكون منصوبا ب يقول أي أنهم صاحبوه في هذا القول وأن يكون منصوبا ب آمنوا أي وافقوه في الإيمان إلاأن نصر الله قريب 412 إستئناف نحوي على تقدير القول أي فقيل لهم حينئذ ذلك تطييبا لأنفسهم بإسعافهم بمرامهم وإيثار الجملة الأسمية على الفعلية المناسبة لما قبلها وتصديرها بحرف التنبيه والتأكيد من الدلالة على تحقق مضمونها وتقريره ما لا يخفى وإختيار حكاية الوعد بالنصر لما أنها في حكم إنشاء الوعد للرسول والإقتصار على حكايتها دون حكاية النصر مع تحققه للإيذان بعدم الحاجة إلى ذلك لإستحالة الخلف وقيل : لما كان السؤالبمتىيشير إلى إستعلام القرب تضمن الجواب القرب وأكتفى به ليكون الجواب طبق السؤال وجوز أن يكون هذا واردا من جهته تعالى عند الحكاية على نهج الإعتراض لا واردا عند وقوع المحكي والقول بأن هذه الجملة : مقول الرسول ومتى نصر الله تعالى مقول من معه على طريق اللف والنشر الغير المرتب ليس بشيء أما لفظا فلأنه لا يحسن تعاطف القائلين دون المقولين وأما معنى فلأنه لا يحسن ذكر قول الرسول ألا إن نصر الله قريب في الغاية التي قصد بها بيان تناهي الأمر في الشدة والقولبأن ترك العطف للتنبيه على أن كلا مقول لواحد منهما وإحتراز عن توهم كون المجموع مقول واحد وتنبيه على أن الرسول قال لهم في جوابهم وبأن منصب الرسالة يستدعي تنزيه الرسول عن التزلزللا ينبغي أن يلتفت إليه لأنه إذا ترك العطف لا يكون معطوفا على القول الأول فكيف التنبيه على كون كل مقولا لواحد منهما ولا نأمن وراء منع كون منصب الرسالة يستدعي ذلك التنزيه وليس التزلزل والإنزعاج أعظم من الخوف وقد عرى الرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم كما يصرح به كثير من الآيات وفي الآية رمز إلى أن الوصول إلى الجناب الأقدس لايتيسر إلا برفض اللذات ومكابدة المشاق كما ينبيء عنه خبر حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات وأخرج الحاكم وصححه عن أبي مالك قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن الله تعالى ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله تعالى من السيآت ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد أفتتن ومن باب الإشارة في الآيات ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا يدعى المحبة ويتكلم في دقائق الأسرار ويظهر خصائص الأحوال وهو في مقام النفس الأمارة