والسلام فكذبت به اليهود وقالوا لأمه : بهتانا عظيما وجعلته النصارى إلها وولدا وجعله الله تعالى روحه وكلمته فهدى الله تعالى أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم للحق من ذلك وقراءة أبي بن كعب فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ليكونوا شهداء على الناس .
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 312 وهو طريق الحق الذي لا يضل سالكه والجملة مقررة لمضمون ما قبلها أم حسبتم أن تدخلوا الجنة نزلت في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والخوف والبرد وسوء العيش وأنواع الأذى حتى بلغت القلوب الحناجر وقيل : في غزوة أحد وقال عطاء : لما دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه المدينة أشتد الضر عليهم لأنهم خرجوا بغير مال وتركوا ديارهم وأموالهم بيد المشركين وآثروا رضا الله تعالى ورسوله وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأسر قوم من الأنبياء النفاق فأنزل الله تطييبا لقلوبهم هذه الآية والخطاب إما للمؤمنين خاصة أو للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولهم ونسبة الحسبان إليه E إما لأنه لما كان يضيق صدره الشريف من شدائد المشركين نزل منزلة من يحسب أن يدخل الجنة بدون تحمل المكاره وإما على سبيل التغليب كما في قوله سبحانه : أو لتعودن في ملتنا و أم منقطعةوالهمزة المقدرةلإنكار ذلك الحسبان وأنه لا ينبغي أن يكون وقيل : متصلة بتقدير معادل وقيل : منقطعة بدون تقدير وفي الكلام إلتفات إلا أنه غير صريح من الغيبة إلى الخطاب لأن قوله سبحانه : كان الناس أمة واحدة كلام مشتمل على ذكر الأمم السابقة والقرون الخالية وعلى ذكر من بعث إليهم من الأنبياء وما لقوا منهم من الشدائد وإظهار المعجزات تشجيعا للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين على الثبات والصبر على أدى المشركين أو للمؤمنين خاصةفكانوا من هذا الوجه مرادين غائبينويؤيده فهدى الله الذين آمنوا إلخ فإذا قيل : بعد أم حسبتم كان نقلا من الغيبة إلى الخطاب أو لأن الكلام الأول تعريض للمؤمنين بعدم التثبت والصبر على أذى المشركين فكأنه وضع موضع كان من حق المؤمنين التشجيع والصبر تأسيا بمن قبلهم كما يدل عليه ما أخرجه البخاري وأبو داؤد والنسائي والإمام أحمد عن خباب إبن الأرت قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما لقينا من المشركين فقلنا : ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله تعالى لنا فقال : إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فتخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ثم قال : والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون وهذا هو المضرب عنهببلالتي تضمنتها أم أي دع ذلكأحسبوا أن يدخلوا الجنةفترك هذا إلى الخطاب وحصل الإلتفات معنى ومما ذكر يعلم وجه ربط الآية بما قبلها وقيل : وجه ذلك أنه سبحانه لما قال : يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكان المراد ب الصراط الحق الذي يفضي إتباعه إلى دخول الجنة بين أن ذلك لا يتم إلا بإحتمال الشدائد والتكليف ولما يأتكم الواو للحال والجملة بعدها نصب على الحال أي غير آتيكم ولما جازمةكلموفرق بينهما في كتب النحو والمشهور أنها بسيطة وقيل : مركبة منلم وما النافيةوهي نظيرة قد في أن الفعل المدكور بعدها منتظر الوقوع