فبعث الله النبيين .
أي فأختلفوا فبعث إلخ وهي قراءة إبن مسعود رضي الله تعالى عنه وإنما حذف تعويلا على ما يذكر عقبه .
مبشرين .
من آمن بالثواب .
ومنذرين .
من كفر بالعذاب وهم كثيرون فقد أخرج أحمد وإبن حبان عن أبي ذر أنه سئل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كم الأنبياء قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قلت : يارسول الله كم الرسل قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير ولا يعارض هذا قوله تعالى : ورسلا قد قصصناهم عليك الآية لما سيأتي إن شاء الله تعالى والجمعان منصوبان على الحال من النبيين والظاهر أنها حال مقدرة والقول بأنها حال مقارنة خلاف الظاهر .
وأنزل معهم الكتاب .
اللام للجنس ومعهم حال مقدرة من الكتاب فيتعلق بمحذوف وليس منصوبا بأنزل والمعنى أنزل جنس لكتاب مقدرا مقارنته ومصاحبته للنبيين حيث كان كل واحد منهم يأخذ الأحكام إما من كتاب يخصه أو من كتاب من قبله والكتب المنزلة مائة وأربعة في المشهور أنزل على آدم عشر صحائف وعلى شيت ثلاثون وعلى إدريس خمسون وعلى موسى قبل التوراة عشرة والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وجوز كون اللام للعهد وضمير معهم للنبيين بإعتبار البعض أي أنزل مع كل واحد من بعض النبيين كتابه ولا يخفى ما فيه من الركة بالحق متعلق ب أنزل أو حال من الكتاب أي متلبسا شاهدا به ليحكم بين الناس علة للإنزال المذكور أوله وللبعث وهذا البعث المعلل هو المتأخر عن الإختلاف فلا يضر تقدم بعثة آدم وشيت وإدريس عليهم الصلاة والسلام بناءا على بعض الوجوه السابقة والحكم بمعنى الفصل بقرينة تعلق بين به ولو كان بمعنى القضاء لتعدي بعلي والضمير المستتر راجع إلى الله سبحانه ويؤيده قراءة الجحدري فيما رواه عنه مكي لنحكم بنون العظمة أو إلى النبي وأفرد الفعل لأن الحاكم كل واحد من النبيين وجوز رجوعه إلى الكتاب والإسناد حينئذ مجازي بإعتبار تضمنه ما به الفصل وزعم بعضهم أنه الأظهر إذ لابد في عوده إلى الله تعالى من تكلف في المعنى أي يظهر حكمه وإلى النبي من تكلف في اللفظ حيث لم يقل ليحكموا ومما ذكرنا يعلم ما فيه من الضعف والمراد من الناس المذكورون والإظهار في موضع الإضمار لزيادة التعيين .
فيما أختلفوا فيه أي في الحق الذي أختلفوا فيه بناءا على أن وحدة الأمة بالإتفاق على الحق وإذا فسرت الوحدة بالإتفاق على الجهالة والكفر يكون الإختلاف مجازا عن الإلتباس والإشتباه اللازم له والمعنى فيما ألتبس عليهم وما أختلف فيه أي في الحق بأن أنكروه وعاندوه أو في الكتاب المنزل متلبسا به بأن حرفوه وأولوه بتأويلات زائغة والواو حالية