التسمية حثا للعباد على فعل ذلك وهو المناسب للتعليم وذهب النحويون إلى تقديره عاما نحو أبتديء وأيد بوجوه .
منها أن فعل الإبتداء يصح تقديره في كل تسمية دون فعل القراءة وتقدير العام أولى ألا تراهم يقدرون متعلق الجار الواقع خبرا أو صفة أو حالا أو صلة بالكون والإستقرار حيثما وقع ويؤثرونه لعموم صحة تقديره .
ومنها أنه مستقل بالغرض من التسمية وهو وقوعها مبتدأ فتقديره أوقع بالمحل وأنت إذا قدرت أقرأ قدرت أبتديء بالقراءة لأن الواقع في أثنائها قراءة أيضا والبسملة غير مشروعة فيه ومنها ظهور فعل الإبتداء في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع وأما ظهور القراءة في قوله تعالى : أقرأ بإسم ربك فلأن الأهم ثم هو القراءة غير منظور فيه إلى إبتدائها ولذا قدم الفعل ولا كذلك في التسمية .
وما ذهب إليه الإمام أمس وأخص بالمقصود وأتم شمولا فإنه يقتضي أن القراءة واقعة بكمالها مقرونة بالتسمية مستعانا بإسم الله تعالى عليها كلها بخلاف تقدير أبتديء إذ لا تعرض له لذلك وماذكر أولا من الإستشهاد بتقدير النحاة الكون والإستقرار فليس بجيد لأنهم فعلوه تمثيلا حيث لا يقصدون عاملا بعينه بل يريدون الكلام على العامل من حيث هو فهو كتمثيلهم بزيد وعمر ولا لخصوصيتهما بل ليقع الكلام على مثال فيكون أقرب إلى الفهم ولا يقال إذا أبهم الفاعل يقدر بهما على أن الإبتداء هنا ليس أعم من القراءة لأن المراد به إبتداء القراءة وهو أخص من القراءة لصدقها على قراءة الأول والوسط والآخر وإختصاص إبتداء القراءة بالأول فليس هذا هو الكون والإستقرار الذي قدرهما النحاة فيما تقدم ودعوى عموم أبتديء بإعتبار أنه منزل منزلة اللازم لكنه يعلم بقرينة المقام أن المبتدأ به هو القراءة أو بإعتبار أصل العامل في الجميع لا يخفى فسادها فإنه إذا دل المقام على إرادته فما معنى تنزيله منزلة اللازم حينئذ وكونه بإعتبار اللفظ والأصل لا يدفع السؤال في حال فأفهم وأما ما ذكر ثانيا من أن رد فعل البداءة مستقل بالغرض فغير مسلم وقد قدمنا أن القراءة أمس وأشمل والوقوع في الإبتداء بالبداية فعلا لا بإضمار الإبتداء فمتى أبتدأ بالبسملة حصل له المقصود غير مفتقر إلى شيء كمن صلى فبدأ بتكبيرة الإحرام لا يحتاج في كونه بادئا إلى الإضمار لكنه مفتقر إلى ركتها وشمولها لجميع ما فعله ومن هذا يظهر ما في باقي الكلام من الوهن وأما ما ذكر ثالثا ففيه أن كون التسمية مبتدأ بها حاصل بالفعل لا بإضمار الفعل ولم يرد الحديث بأن كل أمر ذي بال لم يقل أو لم يضمر فيه أبدا ببسم الله فهو كذا على أن المحافظة على موافقة لفظ الحديث إنما يليق أن يجعل نكتة في كلام المصنفين ومن ينخرط في سلكهم لا في كلام الله جل شأنه كما لا يخفى على من له طبع سليم وأيضا البحث إنما هو في ترجيح تقدير الفعل العام كأبدأ أو أشرع وما شاء كلهما لا في ترجيح خصوص أقرأ أعني فعلا مصدره القراءة على خصوص أبدأ أعني فعلا مصدره البداءة ففيما ذكر خروج عن قانون الأدب وموضع النزاع .
وذهب البعض إلى تقدير إبتدائي مثلا وفيه زيادة إضمار لوجوب إضمار الخبر حينئذ فيكون المضمر ثلاث كلمات ودلالة الأسمية على الثبوت معارضة بدلالة المضارع على الإستمرار التجددي المناسب للمقام إلا أنه تبقى المخالفة بين جملتي البسملة والحمد ولعل الأمر فيه سهل وجعل الشيخ الأكبر قدس سره هذا الجار خبر مبتدأ مضمر هو إبتداء العالم وظهوره لأن سبب وجوده الأسماء الآلهية وهي المسلطة عليه كجعله متعلقا بما بعده إذ لا يحمد الله تعالى إلا بأسمائه من باب الإشارة فلا ينظر فيه إلى الظاهر ولا يتقيد بالقواعد ولا أرى الإعتراض عليه من الإنصاف وقد ذهب الكثير إلى أن تقدير المتعلق هنا مؤخرا أحرى لأن أسم الله تعالى مقدم على الفعل ذاتا فليقدم على الفعل