ببال والقلب قد أحاط بجهاته جهة أخرى وأيضا في تخصيص الإستعانة بالآلة نظر لأنها قد تكون بها وبالقدرة ولو سلم فأي مانع من الإشارة بها هنا إلى أنه كما هو المقصود بالذات فهو المقصود بالعرض إذ لا حول ولا قوة إلا به .
وأما الثالث فلأن المشركين إلى الإستعانة بآلهتهم أقرب إذ هم وسائطهم في التقرب إليه تعالى وهي اشبه بالآلة .
وأما الرابع فلأن الآلة لا بد من وجودها في كل جزء إلى آخر الفعل وإلا لم يتم ولا نسلم اللزوم بين مصاحبة شيء لشيء وملابسته لجميع أجزائه وما ذكره من الحديث فهو بالإستعانة أنسب لأنها مشعرة بتبري العبد من حوله وقوته وإثبات الحول والقوة لله تعالى وهذا من باب العقائد التي عقد عليها قلب كل مسلم يسمى أو لم يسم .
وأما الخامس فلأنه إن أراد أن معنى المصاحبة التبرك فظاهر البطلان وقد رجع بخفي حنين وإن أراد أنه يفهم منها بالقرينة فندعيه نحن بها إذا قصد الآلية لتوقف الإعتداد الشرعي عليها وأما كون التبرك معنى ظاهرا لكل أحد فلا نسلم أنه من خصوص المصاحبة وأما السادس فلأن الإنحصار فيه ممنوع وأما السابع فلأن ما يفتتح به الشيء لا مانع من كونه جزءا فالفاتحة مفتتح القرآن وجزؤه ولو سلم فجملها مفتتحا بالنسبة إلى ما عداها قاله الشهاب ولا يضر الحنفي ما فيه وأما الثامن فلأن معنى الحديث أفعل كذا مستعينا بإسم الله الذي لا يضرني مع ذكر أسمه مستعينا به شيء إذ من أستعان بجنابه أعانه ومن لاذ ببابه حفظه وصانه وإن أستبعدت هذا ورددت ما قيل في الرد من أن المراد بالحديث الأخبار بأنه لا يضر مع ذكر أسمه شيء من مخلوق والمصاحبة تستدعي أمرا حاصلا عندها نحو جاءكم الرسول بالحق والقراءة لم تحصل بعد فتعذرت حقيقة المصاحبة بأن المصاحبة هنا ليست محسوسة وكونها إخبارا بنفي صحبة الضرر يفهم منه صحبة النفع والبركة وهي دفع الوسوسة عن القاريء مع جزيل الثواب فلا ضير أيضا لأنه مجرد إستئناس ولا يوحشنا إذ ما نستأنس به كثير وأما التاسع فلأن جعل الموجود كالمعدوم للجري لا على المقتضي من المحسنات والنكتة ههنا أن شبه أسم الله بناء على يقين المؤمن بما ورد من السنة والقطع بمقتضاها بالأمر المحسوس وهو حصول الكتب بالقلم وعدم بعدمه ثم أخرج مخرج الإستعارة التبعية لوقوعها في الحرف .
وأما العاشر فلأنه لا يخفى حال التشبيه بالقلم وأما الحادي عشر فلأنه لا نسلم أن التبرك معنى المصاحبة أو لازم معناه بل هو معلوم من أمر خارج هو أن مصاحبة أسمه سبحانه يوجد معها ذلك وهو جار في الإستعانة بأسمه عز شأنه على أن في الإستعانة من اللطف مالا يخفى ويمكن على بعد أن يكون عدم إختيار الزمخشري لها لنزعات الشيطان الإعتزالية من إستقلال العبد بفعله فقد ذهب إليه هو وأصحابه وسيأتي إن شاء الله تعالى رده وقد أختلف في متعلق الجار فذهب الإمام إبن جرير إلى تقديره أتلو لأن تاليه متلو وهكذا يضمر الخاص الفعلي كل فاعل فعلا يجعل التسمية مبدأ له وهو من المعاني القرآنية كنظائره للزومها في متعارف اللسان وبه يندفع كلام الصادقي وليس المقصود هنا متكلما مخصوصا فهو على حد ولو ترى فينوي كل بالضمير نفسه فلا يضر تقدمها على قراءة هذا القاريء بل على وجوده ويتأتى القول بجزئيتها من الكل أو الجزء بلا خفاء ولما خفى ذلك على البعض جعل المقدر فعل أمر متوجه إلى العباد ليتحد قائل الملفوظ والمقدر وأختاره الفراء عن إختيار وروى عن إبن عباس لأنه تعالى قدم