عليه بعد التحلل لا يجب عليه لحصول المقصد بالصوم وهو التحلل وقال الشافعي : المراد وقت أداء الحج وهو أيام الإشتغال به بعد الإحرام وقبل التحلل ولا يجوز الصوم عنده قبل إحرام الحج والأحب أن يصوم سابع ذي الحجة وثامنه وتاسعه لأنه غاية ما يمكن في التأخير لإحتمال القدرة على الأصل وهو الهدي ولا يجوز يوم النحر وأيام التشريق لكون الصوم منهيا فيها وجوز بعضهم صوم الثلاثة الأخيرة إحتجاجا بما أخرجه إبن جرير والدارقطني والبيهقي عن إبن عمر قال : رخص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى وفاته أيام العشر أن يصوم أيام التشريق مكانها وأخرج مالك عن الزهري قال : بعث رسول الله عبدالله بن حذافة فنادى في أيام التشريق فقال : إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى إلا من كان عليه صوم من هدي وأخرج الدارقطني مثله من طريق سعيد بن المسيب وأخرج البخاري وجماعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : لم يرخص صلى الله تعالى عليه وسلم في أيام التشريق أن يضمن إلا لمتمتع لم يجد هديا وبذلك أخذ الإمام مالك ولعل ساداتنا الحنفية عولوا على أحاديث النهي وقالوا : إذا فاته الصوم حتى أتى يوم النحر لم يجزه إلا الدم ولا يقضيه بعد أيام التشريق كما ذهب إليه الشافعية لأنه بدل والإبدال لا تنصب إلا شرعا والنص خصه بوقت الحج وجواز الدم على الأصل وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه أمر في مثله بذبح الشاة .
وسبعة إذا رجعتم أي فرغتم ونفرتم من أعماله فذكر الرجوع وأريد سببه أو المعنى إذا رجعتم من منى وقال الشافعي رضي الله تعالى عنهعلى ما هو الأصح عند معظم أصحابه : إذا رجعتم إلى أهليكم ويؤيده ما أخرجه البخاري عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه إذا رجعتم إلى أمصاركم وأن لفظ الرجوع أظهر في هذا المعنى وحكم ناوي الإقامة بمكة توطنا حكم الراجع إلى وطنه لأن الشرع أقام موضع الإقامة مقام الوطن وفي البحر المراد بالرجوع إلى الأهل الشروع فيهعند بعضوالفراغ بالوصول إليهمعند آخرينوفي الكلام إلتفات وحمل على معنى بعد الحمل على لفظه في إفراده وغيبته وقريء سبعة بالنصب عطفا على محل ثلاثة أيام لأنه مفعول إتساعا ومن لم يجوزه قدروصومواوعل أبو حيان .
تلك عشرة كاملة الإشارة إلىالثلاثة والسبعةومميز العدد محذوف أي أيام وإثباتالتاءفي العدد مع حذف المميز أحسن الإستعمالين وفائدة الفذلكة أن لا يتوهم أنالواوبمعنى أو التخييرية وقد نص السيرافي في شرح الكتاب على مجيئها لذلك وليس تقدم الأمر الصريح شرطا فيه بل الخبر الذي هو بمعنى الأمر كذلك وإن يندفع التوهم البعيد الذي أشرنا إليه في مقدمة إعجاز القرآن وأن يعلم العدد جملةكما علم تفصيلافيحاط به من وجهين فيتأكد العلم ومن أمثالهمعلمان خير من علملا سيما وأكثر العرب لا يحسن الحساب فاللائق بالخطاب العامي الذي يفهم به الخاص والعام الذين هم من أهل الطبع لا أهل الأرتياض بالعلم أن يكون بتكرار الكلام وزيادة الإفهام والإيذان بأن المرادبالسبعةالعدد دون الكثرة فإنها تستعمل بهذين المعنيين فإن قلت : ما الحكمة في كونها كذلك حتى يحتاج إلى تفريقها المستدعي لما ذكر أجيب بأنها لما كانت بدلا عن الهدى والبدل يكون في محل المبدل منه غالبا جعل الثلاثة بدلا عنه في زمن الحج وزيد عليها السبعة علاوة لتعادله من غير نقص في الثواب لأن الفدية مبنية على التيسير