تواتره عن الأمير كفر فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض وما ذكره من أن من إقتدى في دينه بعلي فقد أهتدى مسلم لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه علي رضي الله تعالى عنه ودونه مهامه فيح على أن الشائع عند أهل السنة تقديم ما عليه الشيخان وإذا أختلفا فما عليه الصديق حيث أن النبي ترقى في التخصيص إليه فقال أولا أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم وثانيا عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي وثالثا أقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ورابعا إن لم تجديني فأتى أبا بكر السادسة أنها متعلقة بفعل مضمر نحو بإعانة بسم الله أشرعوا ولا شك أن إستماع هذا الكلمة ينبه العقل على أنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولاقوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله وينبهه على أنه لا يتم شيء من الخيرات إلا إذا وقع الإبتداء فيه بذكر الله تعالى وبإظهارها أمر بمعروف ويرده مع ركاكة هذا التقدير وعدم قائل به أن إنفهام الأمر بالمعروف من هذه الجملة يحتاج إلى فكر لو صرف عشر معشاره في قوله تعالى إياك نعبد وإياك نستعين لحصل ضعف أضعافه من دون غائلة كثيرة فيغنى عنه ثم أنه C تعالى ذكر كلاما لا ينفع إلا في تكثير السواد وإرهاب ضعفاء الطلبة بجيوش المداد .
البحث الثالث في معناها فالباء إما للإستعانة أو المصاحبة أو الألصاق أو الأستعلاء أو زائدة أو قسمية والأربعة الأخيرة ليست بشيء وإن أستؤنس لبعض ببعض الآيات وأختلف في الأرجح من الأولين فالذي يشعر به كلام البيضاوي أرجحية الأول وأيد بأن جعله للإستعانة يشعر بأن له زيادة مدخل في الفعل حتى كأنه لا يتأتى ولا يوجد بدون أسم الله تعالى ولايخلو عن لطف وما يدل عليه كلام الزمخشري أرجحية الثاني وأيد بأن باء المصاحبة أكثر في الإستعمال من باء الإستعانة لا سيما في المعاني وما يجري مجراها من الأفعال وبأن التبرك بإسم الله تعالى تأدب معه وتعظيم له بخلاف جعله للآلة فإنها مبتذلة غير مقصودة بذاتها وأن إبتداء المشركين بأسماء آلهتهم كان على وجه التبرك فينبغي أن يرد عليهم في ذلك وأن الباء إذا حملت على المصاحبة كانت أدل على ملابسة جميع أجزاء الفعل لإسم الله تعالى منها إذا جعلت داخلة على الآلة ويناسبه ما روى في الحديث تسمية الله تعالى في قلب كل مسلم يسمى أو لم يسم وأن التبرك بإسم الله تعالى معنى ظاهر يفهمه كل أحد ممن يبتديء به والتأويل المذكور في كونه آلة لا يهتدى إليه إلا بنظر دقيق وإن كون أسم الله تعالى آلة للفعل ليس إلا بإعتبار أنه يوصل إليه ببركته فقد رجع بالآخرة إلى معنى التبرك فليقل به أولا وأن جعل أسمه تعالى آلة لقراءة الفاتحة لا يتأتى على مذهب من يقول أن البسملة من السورة وأن قوله صلى الله تعالى عليه وسلم بسم الله الذي لا يضر مع أسمه شيء مما يستأنس به له وإن في الأول جعل الموجود حسا كالمعدوم وإن بسم الله موجود في القراءة فإذا جعلت الباء للإستعانة كان سبيله سبيل القلم فلا يكون مقروءا وهو مقروء وإن فيه الإيجاز والتوصل بتقليل اللفظ إلى تكثير المعنى لتقدير متبركا وهو لكونه حالا فيه بيان هيئة الفاعل وقد ثبت أن لا بد لكل فعل متقرب به إلى الله تعالى من إعانته جل شأنه فدل الحال على زائد وعندي أن الإستعانة أولى بل يكاد أن تكون متعينة إذ فيها من الأدب والإستكانة وإظهار العبودية ما ليس في دعوى المصاحبة ولأن فيها تلميحا من أول وهلة إلى إسقاط الحول والقوة ونفي إستقلال قدر العباد وتأثيرها وهو إستفتاح لباب الرحمة وظفر بكنز لا حول ولا قوة إلا بالله ولأن هذا المعنى أمس بقوله تعالى وإياك نستعين ولأنه كالمتعين في قوله أقرأ بأسم ربك ليكون جوابا لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم لست بقاريء على أتم وجه وأكمله وماذكروه في تأييد المصاحبة كله مردود أما الأول فلأن دون إثبات الأكثرية خرط القتاد وأما الثاني فلأنه توهم نشأ من تمثيلهم في الآلة بالمحسوسات وليست كل إستعانة بآلة ممتهنة ولا شك في صحة أستعنت بالله وقد ورد في الشرع قال تعالى أستعينوا بالله وأصبروا فهو إذن على أن وجهة الإبتذال مما لا تمر