لهم قريش بذلك وأن يصدرهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله تعالى الآية وجعل ما يفهم من الأثروجها رابعا في المراد بالموصول بأن يقال المراد به من يتصدى من المشركين للقتال في الحرم وفي الشهر الحرام كما فعل البعضبعيد لأنه تخصيص من غير دليل وخصوص السبب لا يقتضي خصوص الحكم ولا تعتدوا أي لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده فإن فعلتم فقد أعتديتم رواه إبن أبي حاتم عن إبن عباسأو لا تعتدوابوجه من الوجوه كإبتداء القتال أو قتال المعاهد أو المفاجأة به من غير دعوة أو قتل من نهيتم عن قتله قاله بعضهم وأيد بأن الفعل المنفي يفيد العموم إن الله لا يحب المعتدين 091 اي المتجاوزين ما حد لهم وهو كالتعليل لما قبله ومحبته تعالى لعباده في المشهور عبارة عن إرادة الخير والثواب لهم ولا واسطة بين المحبة والبغض بالنسبة إليه عز شأنه وذلك بخلاف محبة الإنسان وبغضه فإن بينهما واسطة وهي عدمهما .
وأقتلوهم حيث ثقفتموهم .
أي وجدتموهم كما قال إبن عباس رضي الله تعالى عنهما حين سأله نافع إبن الأزرق وأنشد عليه قول حسان رضي الله تعالى عنه : فأما يثقفن بني لوي جذيمة أن قتلهم دواء وأصل الثقف الحذق في إدراك الشيء عملا كان أو علما ويستعمل كثيرا في مطلق الإدراك والفعل منه ثقف ككرم وفرح وأخرجوهم من حيث أخرجوكم اي مكة وقد فعل بهم ذلك عام الفتح وهذا الأمر معطوف على سابقه والمراد أفعلوا كل ما يتيسر لكم من هذين الأمرين في حق المشركين فأندفع ما قيل : إن الأمر بالإخراج لا يجامع الأمر بالقتل فإن القتل والإخراج لا يجتمعان ولا حاجة إلى ما تكلف من أن المراد إخراج من دخل في الأمان أو وجدوه بالأمان كما لا يخفى والفتنة أشد من القتل أي شركهم في الحرم أشد قبحا فلا تبالوا بقتالهم فيه لأنه إرتكاب القبيح لدفع الأقبح فهو مرخص لكم ويكفر عنكم أو المحنة التي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن المحبب للطباع السليمة أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها ومن هنا قيل : لقتل بحد سيف أهون موقعا على النفس من قتل بحد فراق والجملة على الأول من باب التكمل والإحتراس لقوله تعالى : وأقتلوهم إلخ عن توهم أن القتال في الحرم قبيح فكيف يؤمر به وعلى الثاني تذييل لقوله سبحانه : وأخرجوهم إلخ لبيان حال الإخراج والترغيب فيه وأصل الفتنةعرض الذهب على النار لإستخلاصه من الغش ثم أستعمل في الإبتلاء والعذاب والصد عن دين الله والشرك به وبالأخير فسرها أبو العالية في الآية ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه نهى للمؤمنين أن يبدؤا القتال في ذلك الموطن الشريف حتى يكون هم الذين يبدؤن فالنهي عن المقاتلة التي هي فعل إثنين بإعتبار نهيهم عن الإبتداء بها الذي يكون سببا لحصولها وكذا كونها غاية بإعتبار المفاتحة لئلا يلزم كون للشيء غاية لنفسه .
فإن قاتلوكم فأقتلوهم نفي للحرج عن القتال في الحرم الذي خاف منه المسلمون وكرهوه أي إن قاتلوكم هناك فلا تبالوا بقتالهم لأنهم الذي هتكوا الحرمة وأنتم في قتالهم دافعون القتل عن أنفسكم وكان الظاهر الإتيان بأمر المفاعلة إلا أنه عدل عنه إلى أمر فعل بشارة للمؤمنين بالغلبة عليهم أي هم من الخذلان وعدم النصر بحيث