عنهويعدون فعلهم ذلك برافبين لهم أنه ليس ببر ولكن البر من أتقى أيبر من أتقىالمحارم والشهوات أو لكن ذا البر أو البار من أتقى والظاهر أن جملة النفي معطوفة على مقولقلفلا بد من الجامع بينهما فاما أن يقال : إنهم سألوا عن الأمرين كيف ما أتفق فجمع بينهما في الجواب بناءا على الإجتماع الإتفاقي في السؤال والأمر الثاني مقدر إلا أنه ترك ذكره إيجازا وإكتفاءا بدلالة الجواب عليه وإيذانا بأن هذا الأمر مما لا ينبغي أن يقع فيحتاج إلى السؤال عنه أو يقال : إن السؤال واقع عن الأهلة فقط وهذا مستعمل إما على الحقيقة مذكور للإستطراد حيث ذكرمواقيت الحجوالمذكور ايضا من أفعالهم فيه إلا الخمس أو للتنبيه على أن اللائق بحالهم أن يسألوا عن أمثال هذا الأمر ولا يتعرضوا بما لا يهمهم عن أمر الأهلة وإما على سبيل الإستعارة التمثيلية بأن يكون قد شبه حالهم في سؤالهم عما لا يهم وترك المهم بحال من ترك الباب وأتى من غير الطريق للتنبيه على تعكيسهم الأمر في هذا السؤال فالمعنى وليس البر بأن تعكسوا مسائلكم ولكن البر من أتقى ذلك ولم يجبر على مثله وجوز أن يكون العطف على قوله سبحانه : يسألونك والجامع بينهما أن الأول قول لا ينبغي والثاني فعل لا ينبغي وقعا من الأنصار على ما تحكيه بعض الروايات .
وأتوا البيوت من أبوابها إذ ليس في العدول برا وباشروا الأمور عن وجوهها والجملة عطف على وليس البر إما لأنه في تأويلولا تأتوا البيوت من ظهورهاأو لكونه مقول القول وعطف الإنشاء على الإخبار جائز فيما له محل من الإعراب سيما بعد القول وقرأ إبن كثير وكثير بكسر باء البيوت حيثما وقع وأتقوا الله في تغيير أحكامهكإتيان البيوت من أبوابهاوالسؤال عما لا يعني ومن الحكم والمصالح المودعة في مصنوعاته تعالى بعد العلم بأنه أتقن كل شيء أو في جميع أموركم .
لعلكم تفلحون 981 أي لكي تفوزوا بالمطلوب من الهدى والبر فإن من أتقى الله تعالى تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه وأنكشفت له دقائق الأسرار حسب تقواه وقاتلوا في سبيل الله أي جاهدوا لإعزاز دين الله تعالى وإعلاء كلمتهفالسبيلبمعنى مستعار لدين الله تعالى وكلمته لأنه يتوصل المؤمن به إلى مرضاته تعالى والظرفية التي هي مدلولة في ترشيح للإستعارة الذين يقاتلونكم أي يناجزونكم القتال من الكفار وكان هذاعلى ما روى عن أبي العاليةقبل أن أمروا بقتال المشركين كافةالمناجزين والمحاجزينفيكون ذلك حينئذ تعميما بعد التخصيص المستفاد من هذا الأمر مقررا لمنطوقه ناسخا لمفهومه أي لا تقاتلوا المحاجزينوكذا المنطوق في النهي الآتي فإنه على هذا الوجه مشتمل على النهي عن قتاهم أيضا وقيل : معناه الذين يناصبونكم القتال ويتوقع منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ والصبيان والنساء والرهبان فتكون الآية مخصصة لعموم ذلك الأمر مخرجة لمن لم يتوقع منهم وقيل : المراد ما يعم سائر الكفار فإنهم بصدد قتال المسلمين وقصده فهم في حكم المقاتلة قاتلوا أو لم يقاتلوا ويؤيد الأول ما أخرجه أبو صالح عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المشركين صدوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن البيت عام الحديبية وصالحوه على أن يرجع عامه القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء فلما كان العام المقبل تجهز رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي