الاتيان بما يكرهه منه تعالى مما قل او كثر وكل من تراه يصلي ويأتي الفحشاء والمنكر فهو بحيث لو لم يكن يصلي لكان أشد اتيانا فقد أثرت الصلاة في تقليل فحشائه ومنكره وهو كما ترى وقيل : إن المراد أن الصلاة سبب للانتهاء عن ذلك وليس هذا كليا لما أن الصلاة في حكم النكرة وهي في الاثبات لا يجب أن تعم فينحل الاشكال وعلى ما قلنا لا يضر دعوى الكلية نعم النهي الذي ذكرناه يتفاوت بحسب تفاوت أداء الصلاة فهو في الصلاة أديت على أتم ما يكون من الخشوع والتدبر لما يتلى فيها من الاتيان بفروضها وواجباتها وسننها وآدابها على أحسن أحوالها أتم وقد يضعف النهي فيها حتى كأنها لا تنهى كما في الصلاة التى تؤدى مع الغفلة التامة والاخلال بما يليق فيها وهي الصلاة المردودة التي تلف كما يلف الثوب الخلق ويرمى بها وجه صاحبها فتقول له : ضيعك الله تعالى كما ضيعتني وكأن مراد القائل : إن المراد بالصلاة التي تنهى عما ذكر هي الصلاة المقبولة هو هذا .
وقد يجعل الانتهاء علامة القبول روى بعض الامامية عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال : من أحب أن يعلم قبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر منعته الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت منه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له وفي لفظ لم يزدد بها من الله تعالى إلا بعدا وأخرجه بهذا اللفظ أبن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا .
وأخرج ابن ابي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قيل له : إن فلانا يطيل الصلاة فقال : إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها ثم قرأ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وقد يتفق لمن يكثر الصلاة أن تقع بعض صلاته على الوجه اللائق فتقبل لطفا من الله تعالى وكرما ويظهر أثر ذلك بالانتهاء عن المعاصي ويشير الى هذا ما أخرج أحمد وابن حبان والبهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قالك جاء رجل الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن فلانا يصلي بالليل فاذا أصبح سرق قال سينهاه ما تقول وأصرح منه فيما ذكرنا ما روي أن فتى من الانصار كان يصلي مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يدع شيئا من الفوحش إلا ركبه فوصف له فقال E : إن صلاته ستنهاه فلم يلبث إلا أن تاب إلا أن ابن حجر ذكر فيه أنه لم يجده في كتب الحديث ثم إن حمل الصلاة في الآية على الصلاة المعروفة هو الظاهر المؤيد بالآثار والاخبار الصحيحة وأخرج ابن جرير عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن المراد بها هنا القرآن وقال ابن بحر : إن المراد بها الدعاء أي أقم الدعاء إلى أمر الله تعالى إن الدعاء إلى أمره سبحانه ينهى عن الفحشاء والمنكر وكل منهما عدول عن الظاهر من غير داع وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس أنه كان يقرأ إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر قال ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وأبو قرة ومجاهد وعطية : المعنى لذكر الله تعالى إياكم أكبر من ذكركم إياه سبحانه وفي لفظ لذكر الله تعالى العبد أكبر من ذكر العبد لله تعالى وعن ابن عباس أنه قال ذلك ثم قرأ أذكروني أذكركم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك أنه قال ذكر الله تعالى العبد في الصلاة أكبر من الصلاة فذكر مصدر مضاف الى الفاعل والمفعول محذوف وكذا المفضل عليه وهو خاص على ما سمعت وجوز