فان من فرط الغباوة اشراك ما لا يعد شيئا بمن هذا شأنه وإن الجماد بالاضافة إلى القادر القاهر على كل شيء البالغ في العلم واتقان الفعل الغاية القاصية كالمعدوم البحت وإن من هذا صفته قادر على مجازاتهم .
وتلك الأمثال أي هذا المثل ونظائره من الأمثال المذ : ورة في الكتاب العزيز نضربها للناس تقريبا لما بعد من افهامهم وما يعقلها على ما هي عليه من الحسن واستتباع الفوائد الا العالمون .
34 .
- الراسخون في العلم المتدبرون في الأشياء على ما ينبغي وروى محيي السنة بسنده عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية وتلك الامثال الآية فقال العالم من عقل عن الله تعالى فعمل بطاعته وأجتنب سخطه خلق الله السموات والارض بالحق أي محقا مراعيا للحكم والمصالح على أنه حال من فاعل خلق أو متلبسة بالحق الذي لا محيد عنه مستتبعة للمنافع الدينية والدنيوية على أنها حال من مفعوله فانها مع اشتمالها على جميع ما يتعلق به معاشهم شواهد دالة على شئونه تعالى المتعلقة بذاته سبحانه وصفاته كما يفصح عنه قوله تعالى : ان في ذلك لآية للمؤمنين .
44 .
- دالة لهم على ما ذكر من شئونه D وتخصيص المؤمنين بالذكر مع عموم الهداية والارشاد في خلقهما للكل لأنهم المنتفعون بذلك أتل عليهم ما أوحي اليك من الكتاب أي دم على تلاوة ذلك تقربا الى الله تعالى بتلاوته وتذكرا لما في تضاعيفه منالمعاني وتذكير للناس وحملا لهم على العمل بما فيه من الاحكام ومحاسن الآداب ومكارم الاخلاق وأقم الصلوة أي داوم على إقامتها وحيث كانت الصلاة منتظمة للصوات المكتوبة المؤداة بالجماعة وكان أمره صلى الله تعالى عليه وسلم باقامتها متضمنا لأمر الأمة بها علل بقوله تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كأنه قيل : وصل بهم إن الصلاة تنهاهم عن الفحشاء والمنكر ومعنى نهيها إياهم عن ذلك أنها لتضمنها صنوف العبادة من التكبير والتسبيح والقراءة والوقوف بين يدي الله D والركوع والسجود له سبحانه الدال على غاية الخضوع والتعظيم كأنها تقول لمن يأتي بها لا تفعل الفحشاء والمنكر ولا تعص ربا هو أهل لما أتيت به وكيف يليق بك أن تفعل ذلك وتعصيه D وقد أتيت مما يدل على على عظته تعالى وكبريائه سبحانه من الاقوال والافعال بما تكون به أن عصيت وفعلت الفحشاء أو المنكر كالمتناقض في أفعاله وبما ذكر ينحل الاشكال المشهور وهو أنا نرى كثيرا من المرتكبين للفحشاء والمنكر يصلون ولا ينتهون عن ذلك فان تهيها إياهم عن الفحشاء والمنكر بهذا المعنى لا يستلزم انتهاءهم ألا ترى أن الله تعالى ينهى عن ذلك أيضا كما قال سبحانه : إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي والناس لا ينتهون وليس نهي الصلاة بأعظم من نهيه سبحانه وتعالى فإذا لم يكن هناك استلزام فكيف يكون هنا وما أرى هذا الاشكال الا مبنيا على توهم استلزام النهي للانتهاء وهو توهم باطل وتخيل لا يشهد له عقل ولا يؤيده نقل ونقل أبو حيان عن ابن عباس والكلبي وابن كريج وحماد بن أبي سليمان أن الصلاة تنهى عن ذلك ما دام المصلي فيها وكأنهم ارادوا أنها كالناهية للمصلي القائلة لا تفعل ذلك مادام فيها لأنه إذا فرغ منها فقد انقطعت الاقوال والافعال التي كان النهي بما تدل عليه من العظة والكبرياء ونقل عن القطب أنه قال في جواب الاشكال : إن الصلاة تقام لذكر الله تعالى كما قال عز من قائل : أقم الصلاة لذكري ومن كان ذاكرا الله D منعه ذلك عن