على ما هو الظاهر فيه على أن ابن مالك اشترط في جوازه عطف الموصول المحذوف على موصول آخر مذكور كما في هذا البيت وبأن فيه حذف الخبر أيضا مع عدم الحاجة اليه ولهذا جعل بعضهم الموصول معطوفا على أنتم ولم يجعله مبتدأ محذوف الخبر ليكون العطف من عطف الجملة على الجملة وزعم بعضهم أن الموصول محذوف في موضعين وأنه مفعول به لمعجزين وقال : التقدير وما أنتم بمعجزين من في الأرض أي من الأنس والجن ولا من في السماء أي من الملائكة عليهم السلام فكيف تعجزون الله D ولا يخفى أن هذا في غاية البعد ولا ينبغي أن يخرج عليه كلام الله تعالى .
وقيل ليس في الآية حذف أصلا والسماء هي المظلة إلا أن أنتم خطاب لجميع العقلاء فيدخل فيهم الملائكة ويكون السماء بالنظر اليهموالارض بالنظر إلى غيرهم من الانس والجن وهو كما ترى .
وما لكم من دون الله من ولي يحرسكم من بلاء أرضي أو سماوي ولا نصير .
32 .
- يدفعه عنكم والذين كفروا بآيات الله أي بدلائله التكوينية والتنزيلية الدالة على ذاته وصفاته وأفعاله فيدخل فيها النشأة الاولى الدالة على صحة البعث والآيات الناطقة به دخولا أوليا وتخصيصها بدلائل وحدانيته تعالى لا يناسب المقام ولقائه الذي تنطق به تلك الآيات اولئك الموصوفون بما ذكر من الكفر بآياته تعالى ولقائه D يئسوا من رحمتي أي ييأسوا منها يوم القيامة على أنه وعيد والا فالكافر لا يوصف باليأس في الدنيا لأنه لا رجاء له وصيغة الماضي للدلالةعلى التحقق وجوز أن يكون المراد إظهار مباينة حالهم وحال المؤمنين لأن حال المؤمن الرجاء والخشية وحال الكافر الاغترار واليأس فهو لا يخطر بباله رجاء ولا خوفا إن أخطر المخوف بباله كان حاله اليأس بدل الخوف وإن أخطر المرجو كان حاله الاغترار بدل الرجاء فكأنه تنصيص على كفرهم وتعريف لحالهم وأن يكون الكلام على الاستعارة .
شبهوا بالآيسين من الرحمة وهم الذين ماتوا على الكفر لأنه مادامت الحياة لا يتحقق اليأس من الرحمة لرجاء الايمان أو من قدر آيسا من الرحمة على الفرض دلالة على توغلهم في الكفر وعدم ارعوائهم وقرأ الذماري : وأبو جعفر ييسوا بغير همز بل بياء بدل الهمزة وأولئك لهم عذاب أليم في تكرير اسم الاشارة وتكرير الاسناد وتنكير العذاب ووصفه بالأليم من الدلالة على فظاعة حالهم ما لا يخفى لكن قال الامام : إنه تعالى أضاف الرحمة إلى نفسه D دون العذاب ليؤذن بأن رحمته جل وعلا سبقت غضبه سبحانه وأنت تعلم أن في الآية على هذا دلالة على سوء حالهم أيضا لافادتها أنهم حرموا تلك الرحمة العظيمة بما ارتكبوه من العظائم فما كان جواب قومه بالنصب على أنه خبر كان واسمها قوله تعالى : إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه .
وقرأ الحسن وسالم الافطس بالرفع على العكس وقد مر ما فيه في نظائره والمراد بالقتل ما كان بسيف ونحوه فتظهر مقابلة الاحراق له ولا حاجة إلى جعل أو بمعنى بل والآمرون بذلك إما بعضهم لبعض أو كبرائهم قالوا لأتباعهم : اقتلوه فتستريحوا منه عاجلا أو حرقوه بالنار فاما أن يرجع إلى دينكم إذا مضته