لا يقع في الماضي فلا يجوز قم أمس وإذا خلعت من الظرفية الماضوية وتصرف فيها جاز أن تكون مفعولا به ومعمولا لاذكر وجوز غير واحد أن يكون نصبا بالعطف على نوحا فكأنه قيل : وأرسلنا إبراهيم فاذ حينئذظرف للارسال والمعنى على ما قيل أرسلناه حين تكامل عقله وقدر على النظر والاستدلال وترقس من رتبة الكمال إلى درجة التكميل حيث تصدى لارشاد الخلق إلى طريق الحق وهذا على ما قاله بعض المحققين لما أن القول المذكور في حير إذ إنما كان منه عليه السلام بعد ما راهق قبل الارسال وأنت تعلم أن قوله تعالى : وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول الا البلاغ المبين الخ إذا كان من قوله عليه السلام لقومه كالنص في أن القول المحكي عنه عليه السلام كان بعد الارسال وفي الحواشي السعدية أن ذلك اشارة إلى دفع ما عسى أن يقال : الدعوة تكون بعد الارسال والمفهوم من الآية تقدمها عليه وحاصله أنه ليس المراد من الدعوة ما هو نتيجة الارسال بل ما هو نتيجة كمال العقل وتمام النظر مع أن دلالة الآية على تقدمها غير مسلمة ففي الوقت سعة ويجوز أن يكون القصد هو الدلالة على مبادرته عليه السلام للامتثال اه فتدبر .
وجوز أبو البقاء وابن عطية أن يكون نصبا بالعطف على مفعول انجيناه وهو كما ترى والاوفق بما يأتي إن شاء الله تعالى من قوله تعالى : وإلى مدين أخاهم شعيبا أن يكون النصب بالعطف على نوحا وقرأ أبو حنيفة والنخعي وأبو جعفر وإبراهيم بالرفع على أن التقدير ومن المرسلين إبراهيم وقيل : التقدير ومما ينبغي ذكره ابراهيم وقيل : التقدير وممن أنجينا ابراهيم وعلى الاول المعول لدلالة ما قبل وما بعد عليه ويتعلق بذلك المحذوف إذ قال لقومه اعبدوا الله وحده واتقوه أن تشركوا به سبحانه شيئا ذلكم أي ما ذكر من العبادة والتقوى خير لكم من كل شيء فيه خيرية أو مما أنتم عليه على تقدير الخيرية فيه على زعمكم ويجوز كون خير صفة لا أسم تفضيل إن كنتم تعلمون .
61 .
- أي الخير والشر وتميزون أحدهما من الآخر أو أن كنتم تعلمون شيئا من الأشياء بوجه من الوجوه فان ذلك كاف في الحكم بخيرية ما ذكر من العبادة والتقوى انما تعبدون من دون الله أوثانا بيان لبطلان دينهم وشريته في نفسه بعد بيان شريته بالنسبة إلى الدين الحق أي ما تعبدون من دونه تعالى إلا أوثانا هي في نفسها تماثيل مصنوعة لكم ليس فيها وصف غير ذلك وتخلقون إفكا أي وتكذبون كذبا حيث تسمونها آلهة وتدعون أنها شفعاؤكم عند الله سبحانه أو تعملونها وتنحتونها للافك والكذب واللام لام العاقبة والا فهم لم يعملوها لأجل الكذب وجوز أن يكون ذلك من باب التهكم وقال بعض الأفاضل : الأظهر كون إفكا مفعولا به والمراد به نفس الاوثان وجعلها كذبا مبالغة أو الافك بمعنى المأفوك وهو المصروف عما هو عليه وإطلاقه على الأوثان لأنها مصنوعة وهم يجعلونها صانعا وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والسلمي وعون العقيلي وعبادة وابن أبي ليلى وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما تخلقون بفتح التاء والخاء واللام مشددة قال ابن مجاهد : ورويت عن ابن الزبير وأصله تتخلقون فحذفت إحدى التاءين وهو من تخلق بمعنى تكذب وصيغة التكلف للمبالغة وزعم بعضهم جواز أن يكون تفعل بمعنى فعل وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما أيضا تخلقون من خلق بالتشديد للتكير في الخلق بمعنى الكذب والافتراء وقرأ ابن الزبير