عاماعاما ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة فيكون عمره ألف سنة وستمائة وخمسين سنة وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : كان عمر نوح عليه السلام قبل أن يبعث إلى قومه وبعدما بعث الفا وسبعمائة سنة وعن وهب أنه عليه السلام عاش ألفا وأربعمائة سنة وفي جامع الاصول كانت مدة نبوته تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الغرق خمسين سنة وقيل : مائتي سنة وكانت مدة الطوفان ستة أشهر آخرها يوم عاشوراء .
وقال ابن عطية : يحتمل أن كيكون ما ذكر الله D مدة إقامته عليه السلام من لدن مولده إلى غرق قومه وقيل : يحتمل أن يكون ذلك جميع عمره عليه السلام ولا يخفى أن المتبادر من الفاء التعقيبية ما تقدم وجاء في بعض الآثار أنه عليه السلام أطول الأنبياء عليهم السلام عمرا أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن أنس بن مالك قال : جاء ملك الموت نوح عليهما السلام فقال : يا أطول النبين عمرا كيف وجدت الدنيا ولذتها قال : كرجل دخل بيتا له بابان فقال وسط الباب هنية ثم خرج من الباب الآخر ولعل ما عليه النظم الكريم في بيان مدة لبثه عليه السلام للدلالة على كمال العدد وكونه متعينا نصا دون تجوز فان تسعمائة وخمسين قد يطلق على ما يقرب منه ولما في ذكر الالف من تخييل طول المدة لأنها أول ما تقرع السمع فان المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتثبيته على ما كان عليه من مكابدة ما يناله من الكفرة وإظهار ركاكة رأي الذين يحسبون أنهم يتركون بلا ابتلاء واختلاف المميزين لما في التكرير في مثل هذا الكلام من البشاعة والنكتة في اختبار السنة أولا أنها تطلق على الشدة والجدب بخلاف العام فناسب اختيار السنة لزمان الدعوة الذي قاسى عليه السلام فيما قاسى من قومه فأخذهم الطوفان أي عقيب تمام المدة المذكورة والطوفان قد يطلق على كل ما يطوف بالشيء على كثرة وشدة من السيل والريح والظلام قال العجاج : حتى إذا ما يومها تصبصبا وغم طوفان الظلام الاثابا وقد غلب على طوفان وهو المراد هنا وهم ظالمون أي والحال هم مستمرون على الظلم لم يتأثروا بما سمعوا من نوح عليه السلام من الآيات ولم يرعووا عماهم عليه من الكفر والمعاصي هذه المدة المتمادية فأنجيناه أي نوحا عليه السلام وأصحاب السفينة أي من ركب فيها معه من أولاده وأتباعه وكانوا ثمانين وقيل : ثمانية وسبعين نصفهم ذكور ونصفهم اناث منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم وعن محمد بن اسحق كانوا عشرة خمسة رجال وخمسة نسوة وروي مرفوعا كانوا ثمانية نوحا وأهله وبنوه الثلاثة أي مع أهليهم وجعلناها أي السفينة ءاية للعالمين عبر وعظة لهم لبقائها زمانا طويلا على الجودي يشاهدها المارة لاشتهارها فيما بين الناس ويجوز كون الضمير للحادثة والقصة المفهومة مما قبل وهي عبرة للعالمين لاشتهارها فيما بينهم وإبراهيم نصب باضمار اذكر معطوفا على ما قبله عطف القصة على القصة فلا ضير في اختلافها خبرا وانشاءا وإذ في قوله تعالى : إذ قال لقومه بدل اشتمال منه لأن الاحيان تشتمل على ما فيها وقد جوز الزمخشري وابن عطية وتعقب ذلك أبو حيان بأن إذ لا تتصرف فلا تكون مفعولا به والبدلية تقتضي ذلك ثم ذكر أن إذ ان كانت ظرفا لما مضى لا يصح أن تكون معمولة لاذكر لأن المستقبل