بأن ما لا يعلم صحته ولو إجمالا كما في التقليد لا يجوز اتباعه وإن لم يعلم بطلانه فكيف بما علم على أتم وجه بطلانه وجعل العلامة الطيبي نفي العلم كناية عن نفى المعلوم وعلل ذلك بأن هذا الاسلوب يستعمل غالبا في حق الله تعالى نحو أتعلمون الله بما لايعلم ثم قال : وفيه اشارة إلى أن نفي الشرك من العلوم الضرورية وأن الفطرة السليمة مجبولة عليه على ما ورد كل مولود يولد على الفطرة وذلك أن المخاطب بقوله تعالى : ووصينا الانسان جنس الانسان انتهى وفيه بحث ومتعلق تطعهما محذوف لوضوح دلالة الكلام عليه أي وإن استفرغا جهدهما في تكليفك لتشرك بي غيري مما لا الهية له فلا تطعهما في ذلك فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وفي تعليق النهي عن طاعتهما بمجاهدتهما في التكليف اشعار بأن موجب النهي فيما دونها من التكليف ثابت بطريق الأولوية وكذا موجبه في مجاهدة أحدهما إلي مرجعكم أي مرجع من آمن منكم ومن أشرك ومن بر ومن عق والجملة مقررة لما قبلها ولذا لم تعطف فانبئكم بما كنتم تعملون بأن أجازي كلا منكم بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر والآية نزلت في سعد بن أبي وقاص وذلك أنه رضي الله تعالى عنه حين أسلم قالت أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس : يا سعد بلغني انك صبأت فوالله تعالى لا يظلني سقف بيت من الضح والريح وأن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وكان أحب ولدها اليها فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فشكا اليه فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الاحقاف فأمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالاحسان .
وروي أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما متوافقين حتى نزلا المدينة فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة أمرأة من بني تميم من بني حنظلة فنزلا بعياش وقالا له : إن من دين محدصلة الارحام وبر الوالدين وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتا حتى تراك وهي أشد حبا لك منا فاخرج معنا وفتلا منه في الذروة والغارب فاستشار عمر رضي الله تعالى عنه فقال هما يخدعانك ولك علي أن أقسم ما لي بيني وبينك فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر رضي الله تعالى عنه فقال عمر رضي لاله تعالى عنه : إما إذ عصيتني فخذ ناقتي فليس في الدنيا بعير يلحقها فان رابك منهم ريب فارجع فلما انتهوا إلد البيداء قال أبو جهل : إن ناقتي قد كلت فاحملني معك قال : نعم فنزل ليوطئ لنفسه وله فأخذاه فشداه وثاقا وجدله كل واحد مائة جلة وذهبا به إلى أمه فقالت : لا تزال بعذاب حتى ترجع عن دين محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت .
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين .
9 .
- أي في زمرة الراسخين في الصلاح الكاملين فيه والصلاح ضد الفساد وهو جامع لكل خير وله مراتب غير متناهية ومرتبة الكمال فيه مرتبة عليا ولذا طلبها الأنبياء عليهم السلام كما قال سليمان عليه السلام وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ويحتمل أن يكون الكلام بتقدير مضاف أي في مدخل الصالحين وهي الجنة والموصول مبتدأ ولندخلنهم الخبر على ما ذكره أبو البقاء وجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير لندخلن الذين آنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم ومن الناس أي بعضهم من يقول آمنا بالله فاذا أوذي في الله أي لأجله D على أن في السببية أو المراد في سبيل الله تعالى بأن عذبهم المشركون على الايمان به تعالى جعل فتنة الناس أي