وقال سفيان الثوري : وجهه تعالى العمل الصالح الذي توجه به اليه D فقيل : في توجيه الاستثناء إن العمل المذكور قد كان في حيز العدم فلما فعله العبد ممتثلا أمره تعالى أبقاه جل شأنه له إلى أن يجازيه عليه أو أنه بالقبول صار غير قابل للفناء لما أن الجزاء عليه قام مقامه وهو باق وروي عن أبي عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه أنه ارتضى نحو ذلك وقال المعنى كل شيء من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به وجهه تعالى وزعم الخفاجي أن هذا كلام ظاهري .
وقال أبو عبيدة : المراد بالوجه جاهه تعالى الدي جعله في الناس وهو كما ترى لا وجه له والسلف يقولون الوجه صفة نثبتها لله تعالى ولا نشتغل بكيفيتها ولا بتأويلها بعد تنزيهه D عن الجارحة له الحكم أي القضاء النافذ في الخلق وإليه D ترجعون .
88 - عند البعث للجزاء بالحق والعدل لا إلى غيره تعالى ورجوع العباد اليه تعالى عند الصوفية أهل الوحدة بمعنى ما وراء طور العقل .
وقيل : ضمير اليه للحكم وقرأ عيسى ترجعون مبنيا للفاعل هذا والكلام من باب الاشارة في آيات هذه السورة أكثره فيما وقفنا عليه من باب تطبيق ما في الآفاق على ما في الأنفس ولعله يعلم بأدنى تأمل فيما مر بنا في نظائرها فتأمل والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل وهو جل وعلا حسبنا ونعم الوكيل .
سورة العنكبوت .
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت بمكة وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير نحو ذلك وروي القول بأنها مكية عن الحسن وجابر وعكرمة وعن بعضهم أنها آخر ما نزل بمكة وفي البحر عن الحبر وقتادة أنها مدنية وقال يحيى ابن سلام : هي مكية إلا من أولها إلى قوله وليعلمن المنافقين وذكر ذلك الجلال السيوطي في الاتقان ولم يعزه وأنه لما أخرجه ابن جرير في سبب نزولها ثم قال : قلت ويضم إلى ذلك وكأين من دابة الآية لما أخرجه ابن أبي حاتم في سبب نزولها وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في ذلك وهي تسع وستون آية بالاجماع كما قال الداني والطبرسي وذكر الجلال في وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم وافتتح هذه بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الايمان بعذاب دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل بكثير تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثا على الصبر ولذا قيل هنا : ولقد فتنا الذين قبلهم وأيضا لما كان في خاتمة الأولى الاشارة إلى هجرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي في قوله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد على بعض الاقوال وفي خاتمة هذه الاشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى : يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة ناسب تتاليهما .
بسم الله الرحمن الرحيم الم .
1 .
- سبق الكلام فيه وفي نظائره ولم يجوز بعضهم هنا ارتباط ما بعده به ارتباطا اعرابيا لأن الاستفهام مانع منه وبحث فيه بأن اللازم في الاستفهام تصدره في جملته وهو لا ينافي وقوع