فانا لا نعلم وجه تخصيص كل ذنب منها بحد مخصوص من تلك الحدود المختلفة لكنا نجزم بأن ذلك لا يخلو عن الحكمة وأجاب الامام عن مسألة الكفر وعداب الأبد بأن ذلك لأن الكافر كان عازما لو عاش إلى الأبد لبقي على ذلك الكفر وقيل في وجه تعذيب الكافر أبد الآباد إن جزاء المعصية يتفاوت حسب تفاوت عظمة المعصي فكلما كان المعصي أعظم كان الجزاء أعظم فحيث كان الكفر معصية من لا تتناهى عظمته جل شأنه كان جزاؤه غير متناه وقياس ذلك أن يكون جزاء كل معصية كذلك إلا أنه لم يكن كذلك فيما عدا الكفر فضلا منه تعالى شأنه لمكان الايمان وقيل أيضا : إن كل كفر قولا كان أو فعلا يعود إلى نسبة النقص اليه D المنافي لوجوب الوجود المقتضي لوجوده سبحانه أزلا وأبدا وإذا توهم هناك زمان ممتد كان غير متناه فحيث كان الكفر مستلزما نفي وجوده تعالى شأنه فيما لا يتناهى كان جزاؤه غير متناه ولا كذلك سائر المعاصي فتدبر .
إن الذي فرض عليك القرآن أي أوجب عليك العمل به كما روي عن عطاء وعن مجاهد أي اعطاكه وعن م قاتل واليه ذهب الفراء وأبو عبيدة أي أنزله عليك والمعول عليه ما تقدم .
لرادك إلى معاد أى إلى محل عظيم القدر اعتدت به وألفته على أنه من العادة لا من العود وهو كما في صحيح البخاري وأخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس مكة وروي ذلك أيضا عن مجاهد والضحاك وجوز أن يكون من العود والمراد به مكة أيضا بناء على ما في مجمع البيان عن القتيبي أن معاد الرجل بلده لأنه يتصرف في البلاد ثم يعود اليه وقد يقال : أطلق المعاد على مكة لأن العرب كانت تعود اليها في كل سنة لمكان البيوت فيها وهذا وعد منه D لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو بمكة أنه E يهاجر منها ويعود اليها وروي عن غير واحد أن الآية نزلت بالجحفة بعد أن خرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من مكة مهاجرا واشتاق اليها ووجه ارتباطها بما تقدمها تضمنها الوعد بالعاقبة الحسنى في الدنيا كما تضمن ما قبلها الوعد بالعاقبة الحسنى في الآخرة .
وقيل : إنه تعالى لما ذكر من قصة موسى عليه السلام وقومه مع قارون وبغيه واستطالته عليهم وهلاكه ونصرة أهل الحق عليه ما ذكر ذكر جل شأنه هنا ما يتضمن قصة سيدنا صلوات الله تعالى وسلامه عليه وأصحابه مع قومه واستطالتهم عليه وإخراجهم إياه من مسقط رأسه ثم اعزازه E بالاعادة إلى مكة وفتحه إياها منصورا مكرما ووسط سبحانه بينهما ما هو كالتخلص من الاول الى الثاني .
وأخرج الحاكم في التأريخ والديلمي عن علي كرم الله تعالى وجهه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن فسر المعاد بالجنة وأخرج تفسيره بها ابن أبي شيبة والبخاري في تأريخه وأبو يعلى وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري وأخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس والتنكير عليه للتعظيم أيضا ووجه ارتباط الآية بما قبلها أنها كالتصريح ببعض ما تضمنه ذلك .
واستشكل رده E إلى الجنة من حيث إنه يقتضي سابقية كونه صلى الله تعالى عليه وسلم فيها مع أنه E لم يكن فيها