كرامةكرامة أو سحرا ليس بشيء بل هي بأسباب عادية لكنها خفية على أكثر الناس لا دخل لتأثير النفوس فيها أصلا نعم قد يكون من النبي أو الولي ما يكون من الكيماوي من غير معاطاة تلك الاسباب فيكون ذا كرامة أو معجزة وكون منحى كلام بعض الحكماء فيها منحى كلامهم في الأمور السحرية لا يدل على أنها من أنواع السحر أو توابعه فان ذلك من الغازهم لأمرها وقد تفننوا في الالغاز لها وسلكوا في ذلك كل مسلك فوضع بليناس كتابه فيها على الافلاك والكواكب ومنهم من تكلم عليها بالأمثال ومنهم من تكلم عليها بالحكايات التي هي أشبه بالخرافات الى غير ذلك وبالجملة هي صنعة قل من يعرفها جدا وأعد الاشتغال بها والتصدي لمعرفتها من كتبها من غير حكيم عارف برموزها كما يفعله جهلة المنتحلين لها اليوم محض جنون وكون أصلها الوحي الالهي أو نحو ذلك هو الذي يغلب على الظن وقد أورد الطغرائي في كتبه كجامع الاسرار وغيره ما يدل على ذلك فذكر أنه روي عن هرمس أنه قال : إن الله D أوحى إلى شيت بن آدم عليهما السلام أن ازرع الذهب في الأرض البيضاء النقية واسقه ماء الحياة وقالت مارية : إني لست أقول لكم من تلقاء نفسي ولكني أقول لكم ما أمر الله تعالى به نبيه موسى عليه السلام وأعلمه أن الحجر النسطريس هو الذي يمسك الصبغ وقال بنسبتها إلى موسى عليه السلام ذو سيموس وارس وذكر ارس أن العمل بها كان طوع اليهود بمصر وكان يوسف عليه السلام وهو أول من دخل مصر من بني إسرائيل يعرف ذلك فأكرمه فرعون لحكمته التي آتاه الله تعالى إياها وذكر أيضا فصلا مرموزا فيه نسبه الى سليمان عليه السلام .
وقال الطرسوسي في كتابه : إن الله تعالى لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة عوضه علم كل شيء وكان علم الصنعة مما علمه وانتقل من قوم الى قوم كما انتقلت العلوم الأخر إلى أيام هرمس الأول وقال أيضا : حدثونا عن محمد بن جرير الطبري باسناد له متصل أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وأعطيت الكبريت الابيض والأحمر .
وروى جابر عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه في ذلك روايات كثيرة حتى أنه أسند اليه عدة من كتبه ولا أحقق قوله ولا أكذبه وأجله لموضعه من العلم والعمل عن الافتراء على الأئمة وروي عن أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه أنه سئل فقيل : له ما تقول فيما خاض الناس فيه من علم الكيمياء فأطرق مليا ثم رفع رأسه ثم قال : سألتموني عن أخت النبوة وتؤام المروة لقد كان وانه لكائن وما من شجرة ولا مدرة ولا شيء إلا وفيه أصل وفرع أو أصل أو فرع قيل : يا أمير المؤمنين أما تعلمه قال : والله تعالى أنا أعلم به من العالمين لأنهم يتكلمون بالعلم على ظاهره دون باطنه وأنا أعلم العلم ظاهره وباطنه قيل : فاذكر لنا منه شيئا نأخذ منك قال : والله تعالى لولا أن النفس أمارة بالسوء لقلت قيل : فكان كان تقول قال : إني أعلم أن في الزئبق الرجراج والذهب الوهاج والحديد المزعفر وزنجار النحاس الأخضر لكنوز لا يؤتى على آخرها يلقح بعضها ببعض فتفتر عن ذهب كامن قيل : يا أمير المؤمنين ما نعلم هذا قال : هو ماء جامد وهواء راكد ونار حائلة وأرض سائلة قالوا ما نفقه هذا قال : لو حل للمؤمنين من أهل الحكمة أن يكلموا الناس على غير هذا لعلمه الصبيان في المكاتب اه كلام الطغرائي باختصار