بطريق مخصوص مما لم يختص بالزجاج بل انكرها جماعة اجلة وقالوا بعدم امكانها وذهب آخرون إلى خلاف ذلك .
وإذا أردت نبذة الكلام فاستمع لما يتلى عليك ذكر بعض المحققين أن مبني الكلام في هذه الصناعة عند الحكماء على حال المعادن السبعة النطرقة وهي الذهب والفضة والرصاص والقزدير والنحاس والحديد والخارصيني هل هي مختلفات بالفصول فيكون كل منها نوعا غير النوع الآخر أو هي مختلفات بالخواص والكيفيات فقط فتكون كلها أصنافا لنوع واحد فالدي ذهب اليه المعلم أبو نصر الفارابي وتابعه عليه حكماء الاندلس أنها نوع واحد وان اختلافها بالكيفيات من الرطوبة واليبوسة واللين والصلابة والألوان نحو الصفرة والبياض والسواد وهي كلها أصناف لذلك النوع الواحد وبني على ذلك امكان انقلاب بعضها إلى بعض بتبدل الأعراض بفعل الطبيعة أو بالصنعة وقد حكى أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة في بعض تصانيفه عن المعلم المذكور أنه قال : قد بين أرسطو في كتبه في المعادن أن صناعة الكيمياء داخلة تحت الامكان إلا أنها من الممكن الذي يعسر وجوده بالفعل اللهم إلا أن يتفق قرائن يسهل بها الوجود وذلك أنه فحص عنها أولا على طريق الجدل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يكثر عناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيرا بقياس ألفه من مقدمتين بينهما في أول الكتاب الأولى أن الفلزات واحدة بالنوع والاختلاف الذي بينها ليس في ماهيتها وإنما في أعراضها فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضه في أعراضها العرضية والثانية أن كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فانه يمكن انتقال كل منهما إلى الآخر فان كان العرض ذاتيا عسر الانتقال وإن كان مفارقا سهل الانتقال والعسر في هذه الصناعة إنما هو لأختلاف أكثر هذه الجواهر في أعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسير جدا اه والذي ذهب اليه الشيخ ابو علي بن سينا وتابعه عليه حكماء المشرق أنها مختلفة بالفصول وأنها أنواع متباينة وبنى على ذلك انكار هذه الصناعة واستحالة وجودها لأن الفصل لا سبيل بالصناعة اليه وانما يخلقه خالق الأشياء ومقدرها وهو الله D وهذا ما حكاه ابن خلدون عنه وقال الامام في المباحث المشرقية في الفصل الثامن من القسم الرابع منها : الشيخ سلم امكان أن يصبغ النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص فأما أن يكون الفصل المنوع يسلب أو يكسي قال : فلم يظهر لي امكانه بعد إذ هذه الأمور المحسوسة تشبه أن لا تكون الفصول التي بها تصير هذه الأجساد أنواعا بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولة وإذا كان الشيء مجهولا كيف يمكن قصد إيجاده وافنائه اه .
وغلطه الطغرائي وهو من أكابر أهل هذه الصناعة وله فيها عدة كتب ورد عليه بأن التدبير والعلاج ليس في تخليق الفصل وابداعه وإنما هو في اعداد المادة لقبول خاصة يأتي من بعد الإعداد من لدن خالقه وبارئه جل شأنه وعظمت قدرته كما يفيض سبحانه النور على الأجسام بالصقل ولا حاجة بنا في ذلك إلى تصوره ومعرفته وإذا كنا قد عثرنا على تخليق بعض الحيوانات مثل العقرب من التراب والتبن والحية من الشعر وغير ذلك فما المانع من العثور على مثل ذلك في المعادن وهذا كله بالصناعة وهي أنما موضوعها المادة فبعدها التدبير