كماكما في قوله تعالى : وعنده مفاتح الغيب والمراد وآتيناه من الكنوز ما إن حفظها والاطلاع عليها ليثقل على العصبة أي هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها تتعب حفظتها القائمين على حفظها إذ قال له قومه قال الزمخشري : هو متعلق بتنوء وضعف بأن اثقال المفاتح العصبة ليس مقيدا بوقت قول قومه وقال ابن عطية : ببغي وضعف بنحو ذلك وقال أبو البقاء : بآتينا ويجوز أن يكون ظرفا لمحذوف دل عليه الكلام أي بغي عليهم إذ قال وفي كل منهما ما سبق وقال الحوفي منصوب باذكر محذوفا وكوز كونه متعلقا بما بعده من قوله تعالى : قال إنما اوتيته والجملة مقررة لبغيه ورجح تعلقه بمحذوف والتقدير أظهر التفاخر والفرح بما أوتي إذ قال له قومه لا تفرح لا تبطر والفرح بالدنيا لذاتها مذموم لأنه نتيجة حبها والرضا بها والذهول عن ذهابها فان العلم بأن ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح حتما كما قال أبو الطيب : أشد الغم عندي في سرور تيقن عنه صاحبه انتقالا وقال ابن شمس الخلافة : وإذا نظرت فان بؤسا زائلا للمرء خير من نعيم زائل ولذلك قال D : ولا تفرحوا بما آتاكم والعرب تمدح بترك الفرح عند اقبال الخير قال الشاعر : ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتقلب وقال آخر : إن تلاق منفسا لا تلقنا فرح الخير ولا نكبو لضر وعلل سبحانه النهي ههنا بكون الفرح مانعا من محبته D فقال تعالى : إن الله لا يحب الفرحين .
67 .
- فهو دليل اني على كون الفرح بالدنيا مذموما شرعا وإنما قلنا إن الفرح بها لذاتها مذموم لأن الفرح بها لكونها وسيلة إلى أمر من أمور الآخرة غير مذموم ومحبة الله تعالى عند كثير صفة فعل أي أنه تعالى لا يكرم الفرحين بزخارف الدنيا ولا ينعم جل شأنه عليهم ولا يقربهم D والمراد أنه تعالى يبغضهم ويهينهم ويبعدهم عن حضرته سبحانه وقال بعضهم : إن في نفي محبته تعالى إياهم تنبيها على أن عدم محبته تعالى كاف في الزجر عما نهى عنه فما بلك بالبغض والعقاب وهو حسن وحكى عيسى بن سليمان الحجازي أنه قريء الفارحين .
وابتغ فيما آتاك الله من الكنوز والغنى الدار الآخرة أي ثوابها أي ثواب الله تعالى فيها بصرف ذلك إلى ما يكون وسيلة اليه و في إما ظرفية على معنى ابتغ متقلبا ومتصرفا فيه أو سببية على معنى ابتغ بصرف ما أتاك الله تعالى ذلك وقريء اتبع ولا تنس أي ولا تترك ترك المنسي نصيبك من الدنيا أي حظك منها وهو كما أخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن تعمل فيها لآخرتك وروي ذلك عن مجاهد .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة هو أن تأخذ من الدنيا ما أحل الله تعالى لك وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن منصور قال : ليس هو عرض الدنيا ولكن نصيبك عمرك أن تقدم فيه لآخرتك وأخرج ابن المنذر وجماعة عن الحسن أنه قال في اةية : قدم الفضل وأمسك ما يبلغك وقال مالك : هو الاكل والشرب بلا سرف وقيل : أرادوا بنصيبه من الدنيا الكفن كما قال الشاعر : نصيبك مما تجمع الدهر كله رداءان تلوى فيهما وحنوط