الذي إن وما عملت في وفي القرآن ما إن مفاتحه انتهى ولا يخفى أن المانع من ذلك إن كان عدم السماع فالرد عليهم لا يتم إلا بشاهد لا يحتمل غير ذلك و ما في الآية تحتمل أن تكون نكرة موصوفة وإن كان المانع كون إن تقع في ابتداء الكلام فلا ترتبط الجملة المصدرة بها بما قبلها فالرد بالآية المذكورة عليهم تام لأن المانع المذكور كما يمنع كون الجملة صلة يمنع كونها صفة فتدبر و تنوء من ناء به الحمل إذا أثقله حتى أماله فالباء للتعدية كما في ذهبت به والعصبة الجماعة الكثيرة من غير تعيين لعدد خاص على ماذكره الراغب ومن أهل اللغة من عين لها مقدارا واختلفوا فيه فقيل من عشرة إلى خمسة عشر وهو مروي هنا عن مجاهد وقيل : ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين وروي ذلك عن الكلبي وقيل : ما بين الثلاثة إلى العشرة وقيل : من عشرة إلى أربعين وروي هذا عن قتادة وقيل : اربعون وروي ذلك عن ابن عباس وقيل : سبعون وروي ذلك عن أبي صالح مولى أم هانيء وقال الخفاجي : قد يقال إن أصل معناها الجماعة مطلقا كما هو مقتضى الاشتقاق ثم ان العرف خصها بعدد واختلف فيه أو اختلف بحسب موارده وقال أبو زيد : تنوء من نوت بالحمل إذا نهضت به قال الشاعر : تنوء بأخراها فلا يا قيامها وتمشي الهوينا عن قريب فتبهر وفي الآية على هذا قلب عند أبي عبيدة ومن تبعه والأصل تنوء بها أي تنهض وقيل : يجوز أن لا يكون هناك قلب لأن المفاتح تنهض ملابسة للعصبة إذا نهضت العصبة بها والأولى ما قدمناه أولا وهو منقول عن الخليل وسيبويه والفراء واختاره النحاس وروي معناه عن ابن عباس وأبي صالح والسدي وقرأ بديل بن ميسرة لينوء بالياء التحتية وخرج ذلك أبو حيان على تقدير مضاف مذكر يرجع اليه الضمير أي ما إن حمل مفاتحه أو مقدارها أو نحو ذلك وقال ابن جني : ذهب بالتذكير إلى ذلك القدر والمبلغ فلاحظ معنى الواحد فحمل عليه ونحوه وقول الراجز .
مثل الفراخ نتفت حواصله .
أي حواصل ذلك أو حواصل ما ذكرنا وقال الزمخشري : وجهه أن يفسر المفاتح بالخزائن ويعطيها حكم ما أضيفت اليه للملابسة والاتصال كقولك ذهبت أهل اليمامة انتهى وإنما فسر المفاتح بالخزائن دون ما يفتح به ليتم الاتصال فان اتصال الخزائن بالمخزون فوق اتصال المفاتيح به بل لا اتصال للثاني وحينئذ يكتسي التذكير من المضاف اليه كما اكتسى التأنيث من عكسه كالمثال الذي ذكره وما تقدم عن غيره أولى قال في الكشف لأن تفسير المفاتح بالخزائن ضعيف جدا لفوات المبالغة وقيل : إن المفاتح بذلك المعنى غير معروف وقد سمعت أنه تفسير مأثور فإذا صح ذلك فلا يلتفت الى ما ذكر من هذا وكلام الكشف وذكر أبو عمرو الداني أن بديل بن ميسرة قرأ ما إن مفاتحه على الافراد فلا تحتاج قراءته لينوء بالياء إلى تأويل وقد بولغ في كثرة مفاتيحه فروي عن خيثمة أنها كانت وقر ستين بغلا أغر محجلا ما يزيد منها مفتاح على ابع لكل مفتاح كنز وفي رواية أخرى عنه كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح على خزانة على حدة فاذا ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلا أغر محجلا .
وفي البحر ذكروا من كثرة مفاتحه ما هو كذب أو يقارب الكذب فلم أكتبه ومما لا مبالغة فيه ماروي عن ابن عباس من المفاتح الخزائن وكانت خزائنه يحملها أربعون رجلا أقوياء وكانت ارعمائة الف يحمل كل رجل عشرة آلاف وعليه فأمثال قارون في الناس أكثر من خزائنه ولعل الآية تشير إلى أن ما أوتيه فوق ذلك ولا أظن الأمر كما روي عن خيثمة وأبعد أبو مسلم في تفسير الآية فقال : المراد من المفاتح العلم والاحاطة