الكاملة وعدم كون فاعله محجوزا عليه أصلا وأنى لهم دلك فليس لهم إلا اتباع اصطفاء الله تعالى وهو جل وعلا لم يصطف شركاءهم الدين اصطفوهم للعبادة والشفاعة على الوجه الذي اصطفوهم عليه فما هم إلا جهال ضلال صدوا عما يلزمهم وتصدوا لما ليس لهم بحال من الاحوال وإن شئت فنزل الفعل منزلة اللازم وقل المعنى وربك لا غيره يخلق ما يشاء خلقه وهو سبحانه لا غيره يفعل الاختيار والاصطفاء فيصطفي بعض مخلوقاته لكذا وبعضا آخر لكذا ويميز بعضا منها على بعض ويجعله مقدما عنده تعالى عليه فانه سبحانه قادر حكيم لا يسأل عما يفعل وهو جل وعلا أعظم من أن يعترض عليه وأجل ويدخل في الغير المنفي عنه ذلك المشركون فليس لهم أن يفعلوا ذلك فيصطفوا بعض مخلوقاته للشفاعة ويختاروهم للعبادة ويجعلوهم شركاء له D ويدخل في الاختيار المنفي عنهم ما تضمنه قولهم لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فان انتفاء غيره صلى الله عليه وسلّم من الوليد بن المغيرة أو عروة بن مسعود الثقفي وتمييزه بأهلية تنزيل القرآن عليه فان صح ما قيل : في سبب نزول هذه الآية من أنه القول المذكور كان فيها رد ذلك عليهم أيضا الا أنها لتضمنها تجهيلهم باختيارهم الشركاء واصطفائهم إياهم آلهة وشفعاء كتضمنها الرد المذكور جيء بها هنا متعلقة بذكر الشركاء وتقريع المشركين على شركهم وربما يقال : إنها لما تضمنت تجهيلهم فيما له نوع تعلق به تعالى كاتخاذ الشركاء له سبحانه وفيما له نوع تعلق بخاتم رسله E كتمييزهم غيره E بأهلية الارسال اليه وتنزيل القرآن عليه جيء بها بعد ذكر سؤال المشركين عن اشراكهم وسؤالهم عن جوابهم للمرسلين الناهين لهم عنه الذين عين أعيائهم وقلب صدر ديوانهم رسوله الخاتم لهم صلى الله تعالى عليه وسلم فلها تعلق بكلا الأمرين إلا أن تعلقها بالأمر الأول أظهر وأتم وخاتمتها تقتضيه على أكمل وجه وأحكم وربما يقال أيضا : إن لها تعلقا بجميع ما قبلها أما تعلقها بالأمرين المذكورين فكما سمعت وأما تعلقها بذكر حال التائب فمن حيث أن انتضامه في سلك المفلحين يستدعي اختيار الله تعالى إياه واصطفاءه له وتمييزه على من عداه ولذا جيء بها بعد الأمور الثلاثة وذكر انحصار الخلق فيه تعالى وتقديمه على انحصار الاختيار والاصطفاء مع أن مبني التجهيل والرد إنما هو الثاني للاشارة إلى أن انحصار الاختيار من توابع انحصار الخلق وفي ذكره تعالى بعنوان الربوبية إشارة إلى أن خلقه D ما شاء على وفق المصلحة والحكمة وإضافة الرب إليه صلى الله تعالى عليه وسلم لتشريفه E وهي في غاية الحسن إن صح ما تقدم عن الوليد سببا للنزول ويخطر في الباب احتمالات أخر في الآية فتأمل فاني لا أقول ما أبديته هو المختار كيف وربك جل شأنه يخلق ما يشاء ويختار سبحانه الله أي تنزه تعالى بذاته تنزها خاصا به من أن ينازعه أحد أو يزاحم اختياره عز شأنه وتعالى عما يشركون .
86 .
- أي عن إشراكهم على أن ما مصدرية ويحتمل أن تكون موصولة بتقدير مضاف أي عن مشاركة ما يشركونه به كذا قيل وجعل بعضهم سبحان الله تعجيبا من اشراكهم من يضرهم بمن يريد لهم كل خير تبارك وتعالى وهو على احتمال كون ما فيما تقدم موصولة مفعول يختار والمعنى ويختار ما كان لهم فيه الخير والصلاح ويجوز أن يكون تعجيبا أيضا من اختيارهم شركاءهم الذين أعدوهم للشفاعة واقدامهم على مالم يكن لهم وذلك بناء على ما ظهر لنا وظاهر كلام كثير أن الآية ليست من باب الإعمال وجوز أن تكون منه بأن يكون كل من سبحان وتعالى طالبا عما يشركون والأفيد على ما قيل أن لا تكون منه