علىعلى هذا الوجه مؤكدة لما قبلها أو مفسرة له إذ معنى ذلك يخلق ما يشاء ويختار ما يشاء أن يختاره لا ما يختاره العباد عليه ولذا خلت عن العاطف وهي على ما تقدم مستأنفة في جواب سؤال تقديره فما حال العباد أو هل لهم اختيار أو نحوه فقيل : إنهم ليس لهم اختيار وضعف هذا الوجه بأنه لا دلالة على هذا المعنى في النظم الجليل وفيه حذف المتعلق وهو على الله تعالى من غير قرينة دالة عليه وكون سبب النزول ما ذكر ممنوع والقول الثاني فيه يستدعي بظاهره أن يكون ضمير لهم لليهود وفيه من البعد ما فيه وقيل : ما موصولة مفعول يختار والعائد محدوف والوقف على يشاء لا نافية والوقف على يختار كما نص عليه الزجاج وعلي بن سليمان والنحاس كما في الوجهين السابقين أي ويختار الذي كان لهم فيه خير والصلاح واختياره تعالى دلك بطريق التفضل والكرم عندنا وبطريق الوجوب عند المعتزلة وإلى موصولية ما وكونها مفعول يختار ذهب الطبري إلا أنه قال في بيان المعنى عليه : أي ويختار من الرسل والشرائع ما كان خير للناس وأنكر أن تكون نافية لئلا يكون المعنى أنه لم تكن لهم الخيرة فيما مضى وهي لهم فيما يستقبل وادعى أبو حيان أنه روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما معنى ما ذهب اليه واعترض بأن اللغة لا تساعده لأن المعروف فيها أن الخيرة بمعنى الاختيار لا بمعنى الخير وبأنه لا يناسب ما بعده من قوله تعالى : سبحان الله الخ وكذأ لا يناسب ما قبله من قوله سبحانه : يخلق ما يشاء وضعفه بعضهم بأنه فيه حذف العائد ولا يخفى أن حذفه كثير وأجيب عما اعترض به الطبري بأنه يجوز أن يكون المراد بمعونة المقام استمرار النفي أو يكون المراد ما كان لهم في علم الله تعالى ذلك وهذا بعد تسليم لزوم كون المعنى ما ذ : ره لو أبقى الكلام على ظاهره وقال ابن عطية : يتجه عندي أن يكون ما مفعول يختار إذا قدرنا كان تامة أي إن الله تعالى يختار كل كائن ولا يكون شيء إلا باذنه وقوله تعالى : ولهم الخيرة جملة مستأنفة معناها تعديد النعمة عليهم في اختيار الله سبحانه لهم لو قبلوا وفهموا اه يعني والله تعالى أعلم أن المراد خيرة الله تعالى لهم أي اختياره لمصلحتهم وللفاضل سعدي جلبي نحو هذا إلا أنه قال في قوله تعالى : لهم الخيرة إنه في معنى ألهم الخيرة بهمزة الاستفهام الانكاري وذكر أن هذا المعنى يناسبه ما بعد من قوله سبحانه سبحان الله الخ فانه إما تعجب عن إثبات الاختيار لغيره تعالى أو تنزيه له D عنه ولا يخفى ضعف ما قالاه لما فيه من مخالفة الظاهر من وجوه ويظهر لي في الآية غير ما ذكر من الأوجه وهو أن يكون يختار معطوفا على يخلق والوقوف عليه تام كما نص عليه غير واحد وهو من الاختيار بمعنى الانتقاء والاصطفاء وكذا الخيرة بمعنى الاختيار بهذا المعنى والفعل متعد حذف مفعوله ثقة بدلالة ما قبله عليه أي ويختار ما يشاء وتقديم المسند اليه في كل من جانبي المعطوف والمعطوف عليه لافادة الحصر وجملة ما كان لهم الخيرة مؤكدة لما قبلها حيث تكفل الحصر بافادة النفي الذي تضمنته والكلام مسوق لتجهيل المشركين في اختيارهم ما أشركوه واصطفائهم إياه للعبادة والشفاعة لهم يوم القيامة كما يرمز اليه ادعوا شركاءكم وللتعبير بما وجه ظاهر والمعنى وربك لا غيره يخلق ما يشاء خلقه وهو سبحانه دون غيره ينتقي ويصطفي ما يشاء إنتقاءه واصطفاءه فيصطفي مما يخلقه شفعاء ويختارهم للشفاعة ويميز بعض مخلوقاته جل جلاله على بعض ويفضله عليه بما يشاء ما كان لهؤلاء المشركين أن ينتقوا ويصطفوا ما شاءوا ويميزوا بعض مخلوقاته تعالى على بعض ويجعلوه مقدما عنده D على غيره لأن ذلك يستدعي القدرة