علام الغيوب مع نزاهتهم عن غائلة المسئول فما ظنك بأولئك الضلال من الأمم .
وقرأ الأعمش وجناح بن حبيش وأبو زرعة بن عمرو بن جرير فعميت بضم العين وتشديد الميم .
فهم لا يتساءلون أي لا يسأل بعضهم بعضا لفرط الدهشة أو العلم بأن الكل سواء في الجهل والفاء إما تفصيلية أو تفريعية لأن سبب العمى فرط الدهشة .
وقرأ طلحة لا يساءلون بادغام التاء في السين فأما من تاب أي من الشرك وآمن وعمل صالحا أي جمع بين الايمان والعمل الصالح فعسى أن يكون من المفلحين أي الفائزين بالمطلوب عنده D الناجين عن المهروب و عسى للتحقيق على عادة الكرام أو للترجي من قبل التائب المذكور بمعنى فليتوقع أن يفلح وقوله تعالى : فأما قيل للتفصيل المجمل الواقع في ذهن السامع من بيان ما يؤول اليه حال المشركين وهو أن حال من تاب منهم كيف يكون والدلالة على ترتب الاخبار به على ما قبله فالآية متعلقة بما عندها .
وقال الطيبي : هي متعلقة بقوله تعالى : أفمن وعدناه وعدا حسنا والحديث عن الشركاء مسطرد لذكر الاحضار وتعقبه في الكشف بأن الظاهر أنه ليس متعلقا به بل لما ذكر سبحانه حال من حق عليه القول من التابع والمتبوع قال تعالى شأنه حثا لهم على الاقلاع : فأما من تبا منهم وآمن فكأنه قيل : ما ذكر لمصيرهم فأما من تاب فكلا .
وربك يخلق ما يشاء خلقه من الاعيان والأعراض ويختار عطف على ما يخلق والمعنى على ما قيل يخلق ما يشاؤه باختياره فلا يخلق شيئا بلا اختيار وهذا مما لم يفهم مما يشاء فليس في الآية شائبة تكرار وقيل في دفع ما يتوهم من ذلك غير ما ذكر مما نقله ورده الخفاجي ولم يتعرض للقدح في هذا الوجه وأراه لا يخلو عن بعد ولي وجه في الآية سأذكره بعد إن شاء الله تعالى .
ما كان لهم الخيرة .
أي التخير كالطيرة بمعنى التطير وهما والاختيار بمعنى وظهار الآية نفي الاختيار عن العبد رأسا كما يقوله الجبرية ومن أثبت للعبد اختيارا قال : إنه لكونه بالدواعي التي لو لم يخلقها الله تعالى فيه لم يكن كان في حيز العدم وهذأ مذب الاشعري على ما حققه العلامة الدواني قال : الذي أثبته الاشعري هو تعلق قدرة العبد وإرادته الذي هو سبب عادي لخلق الله تعالى الفعل فيه وإذا فتشنا عن مباديء الفعل وجدنا الارادة منبعثة عن شوق له وتصور أنه ملائم وغير ذلك من أمور ليس شيء منها بقدرة العبد واختياره وحقق العلامة الكوراني في بعض رسائله المؤلفة في هذه المسألة أن مذهب السلف أن للعبد قدرة مؤثرة باذن الله تعالى وأن له اختيارا لكنه مجبور باختياره وادعى أن ذلك هو مذهب الاشعري دون ما شاع من أن له قدرة غير مؤثرة أصلا بل هي كاليد الشلاء ونفى الاختيار عنه على هذا نحوه على ما مر فانه حيث كان مجبورا به كان وجوده كالعدم وقيل : إن الآية أفادت نفي ملكهم للاختيار ويصدق على المجبور باختياره بأنه غير مالك للاختيار إذ لا يتصرف فيه كما يشاء تصرف المالك في ملكه وقيل : المراد لا يليق ولا ينبغي لهم أن يختاروا عليه تعالى أي لا ينبغي لهم التحكم عليه سبحانه بأن يقولوا لم لم يفعل الله تعالى كذا .
ويؤيده أن الآية نزلت حين قال الوليد بن المغيرة لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أو حين قال اليهود لو كان الرسول إلى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم غير جبريل عليه السلام لآمنا به على ما قيل والجملة