أي يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لأباطيل أخذوها تقليدا ولا يخفى ما في ذلك من الجهالة العظيمة و وكان المراد أنهم طول دهرهم يقاربون ذلك وإلا فقد سطوا في بعض الأوقات ببعض الصحابة التالين كما في البحر والجملة في موضع الحال من المضاف إليه وجوز أن يكون من الوجوه على أن المراد بها أصحابها وليس بالوجه .
وقرأ عيسى بن عمر يعرف بالبناء للمفعول المنكر بالرفع قل على وجه الوعيد والتقريع أفأنبئكم أي أخاطبكم أو أتسمعون فأخبركم بشر من ذلكم الذي فيكم من غيظكم من التالين وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلى عليكم النار أي هو أو هي النار على أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : ما هو وقيل هو مبتدأ خبره قوله تعالى : وعدها الله الذين كفروا وهو على الوجه الأول جملة مستأنفة وجوز أن يكون خبرا بعد خبر .
وقرأ ابن عبلة وإبراهيم بن يوسف عن الأعشى وزيد بن علي رض الله تعالى عنهما النار بالنصب على الإختصاص وجملة وعدها الخ مستانفة أو حال من النار بتقدير قد أو بدونه على الخلاف ولم يجوزوا في قراءة الرفع الحالية على الإعراب الأول إذ ليس في الجملة ما يصح عمله في الحال .
وجوز في النصب أن يكون من باب الإشتغال وتكون الجملة حينئذ مفسرة وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن نوح عن قتيبة النار بالجر على الإبدال من شر وفي الجملة احتمالا الإسستئناف والحالية والظاهر معنى أن يكون الضمير في وعدها هو المفعول الثاني والأول الموصول أي وعد الذين كفروا إياها والظاهر لفظا أن يكون المفعول الأول والثاني الموصول كأن النار وعدت بالكفار لتاكلهم وبئس المصير .
72 .
- النار يا أيها الناس ضرب مثل أي بين لكم حال مستغربة أو قصة بديعة رائقة حقيقة بان تسمى مثلا وتسير في الأمصار والأعصار وعبر عن بيان ذلك بلفظ الماضي لتحقق الوقوع ومعنى المثل في الأصل المثل ثم خص بما شبه بمورده من الكلام فصار حقيقة ثم استعير لما ذكر وقيل المقل على حقيقته و ضرب بمعنى جعل أي جعل لله سبحانه شبه في استحقاق العبادة وحكى ذلك عن الأخفش والكلام متصل بقوله تعالى ويعبدون من دون الله مالم ينزل به سلطانا فاستمعوا له أي للمثل نفسه استماع تدبر وتفكر أو لأجله ما أقول فقوله : إن الذين تدعون من دون الله إلى آخره بيان للمثل وتفسير له على الأول وتعليل لبطلان جعلهم معبوداتهم الباطلة مثلا لله تعالى شأنه في استحقاق العبادة على الثاني ومنهم من جعله على ما ذكرنا وعلى ما حكى عن الأخفش تفسيرا أما على الأول فللمثل نفسه بمعناه المجازي وأما على الثاني فلحال المثل بمعناه الحقيقي فإن المعنى جعل الكفار لله مثلا فاستمعوا لحاله وما يقال فيه والحق الذي لا ينكره إلا مكابر أن تفسير الآية بما حكى فيه عدول عن المتبادر .
والظاهر أن الخطاب في يا أيها الناس لجميع المكلفين لكن الخطاب في تدعون للكفار واستظهر بعضهم كون الخطاب في الموضعين للكفار والدليل على خصوص الأول الثاني وقيل هو في الأول للمؤمنين ناداهم سبحانه ليبين لهم خطأ الكافرين وقيل هو في الموضعين عام وأنه في الثاني كما في قولك : أنتم يا بني تميم