والتقييد وإن لم يكونا لشيء واحد فافهم وقال العلامة الطيبي : في اختصاص الدليل السمعي بالسلطان والتنزيل ومقابله بالعلم دليل واضح على أن الدليل السمعي هو الحجة القاطعة وله القهر والغلبة وعند ظهوره تضمحل الآراء وتتلاشى الأقيسة ومن عكس ضل الطريق وحرم التوفيق وبقي متزلزلا في ورطات الشبه وإن شئت فانظر إلى التنكير في سلطاناء وعلم وقسهما على قول الشاعر : له حاجب في كل أمر يشينه وليس له عن طالب العرف حاجب لتعلم الفرق إلى آخر ما قال ومنه يعلم وجه للتقديم واحتمال آخر في تنوين سلطانا غير ما قدمنا وظاهره أن الدليل السمعي يفيد اليقين مطلقا وأنه مقدم على الدليل العقلي ومذهب المعتزلة وجمهور الأشاعرة أنه لا يفيد اليقين مطلقا لتوقف ذلك على أمور كلها ظنية فتكون دلالته أيضا ظنية لأن الفرع لا يزيد على الأصل في القوة والحق أنه يفيد اليقين في الشرعيان دون العقليات بقرائن مشاهدة أو متواترة تدل على انتفاء الإحتمالات .
وذكر الفاضل الرومي في حواشيه على شرح المواقف بعد بحث أن الحق أنه قد يفيد اليقين في العقليان أيضا وأما أنه مقدم على الدليل العقلي فالذي عليه علماؤنا خلافه وأنه متى عارض الدليل العقلي السمعي وجب تأويل الدليل إلى ما لا يعارضه الدليل العقلي إذ لا يمكن العمل بهما ولا بنقيضهما وتقديم السمع على العقل إبطال للأصل بالفرع وفيه إبطال الفرع وإذا أدى إثبات الشيء إلى إبطاله كأن مناقضا لنفسه وكان باطلا لكن ظاهر كلام محي الدين ابن العربي قدس سره في مواضع من فتوحاته القول بأنه مقدم ومن ذلك قوله في الباب الثلاثمائة والثمانية والخمسين من أبيات : كل علم يشهد الشرع له هو علم فبه فلتعتصهم وإذا خالفه العقل فقل طورك الزم مالكم فيه قدم وقوله في الباب الأربعمائة والإثنين والسبعين : على السمع عولنا فكنا أولى النهي ولا علم فيما لا يكون على السمع إلى غير ذلك وهو كأكثر كلامه من وراء طور العقل وما للظالمين أي وما لهم إلا أنه عدل إلى الظاهر تسجيلا عليهم بالظلم مع تعليل الحكم به وجوز أن لا يكون هناك عدول والمراد ما يعمهم وغيرهم ودخولهم أولى و من في قوله تعالى من نصير .
71 .
- سيف خطيب واتلمراد نفى أن يكون لهم بسبب ظلمهم من يساعدهم في الدنيا بنصرة مذهبهم وتقرير رأيهم ودفع ما يخالفه وفي الآخرة بدفع العذاب عنهم .
وإذا تتلى عليهم آياتنا عطف على يعبدون وما بينهما اعتراض وصيغة المضارع للدلالة على الإستمرار التجددي وقوله تعالى بينات حال من الآيات أي واضحات الدلالة على العقائد الحقة والأحكام الصادقة أو على بطلان ما هم عليه من عبادة غير الله تعالى تعرف في وجوه الذين كفروا أي في وجوههم والعدول على نحو ما تقدم والخطاب إما لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلّم أو لمن يصح أن يعرف كائنا من كان المنكر أي الإنكار على أنه مصدر ميمي والمراد علامة الإنكار أو المستقبح من التجهم والبسور والهيئات الدالة على ما يقصدونه وهو الأنسب بقوله تعالى : يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا