والله أعلم بما تعملون .
68 .
- من الأباطيل التي من جملتها المجادلة فمجازيكم عليها وهذا إن أريد به المواعدة كما جزم به أبو حيان فهو منسوخ بآية القتال الله يحكم بينكم تسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم والخطاب عام للفريقين المؤمنين والكافرين وليس مخصوصا بالكافرين كالذي قبله ولا داخلا في حيز القول وجوز أن يكون داخلا في على التغليب أي الله يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين يوم القيامة بالثواب والعقاب كما فصل في الدنيا بثبوت حجج المحق دون المبطل فيما كنتم فيه تختلفون .
69 .
- أي من أمر الدين وقيل الجدال والإختلال في أمر الذبائح ومعنى الإختلاف ذهاب كل إلى الإخلاف ما ذهب إليه الآخر .
ألم تعلم استئناف مقرر لمضمون ما قبله والإستفهام للتقرير أي قد علمت أن الله يعلم ما في السماء والأرض فلا يخفى عليه شيء من الأشياء التي من جملتها أقوال الكفرة وأعمالهم إن ذلك أي ما في السماء والأرض في كتاب هو كما روي عن ابن عباس اللوح المحفوظ وذكر رضي الله تعالى عنه أن طوله مسيرة مائة عام وأنه كتب فيه ما هو كائن في علم الله تعالى إلى يوم القيامة وأنكر ذلك أبو مسلم وقال : المراد من الكتاب الحفظ والضبط أي أن ذلك محفوظ عنده تعالى والجمهور على خلافه والمراد من الآية أيضا تسليته E كأنه قيل إن الله يعلم الخ فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إن ذلك أي ما ذكر من العلم والإحاطة بما في السماء والأرض وكتبه في اللوح والحكم بينكم وقيل ذلك إشارة إلى الحكم فقط وقيل إلى العلم فقط وقيل إلى كتب ذلك في اللوح ولعل كونه إشارة إلى الثلاثة بتأويل ما ذكروا أولى على الله يسير .
70 .
- فإن علمه وقدرته جل جلاله مقتضي ذاته فلا يخفى عليه شيء ولا يعسر عليه مقدور وتقديم الجار والمجرور لمناسبة رؤس الآي أو للقصر أي يسير عليه جل وعلا لا على غيره ويعبدون من دون الله حكاية لبعض أباطيل المشركين وأحوالهم الدالة على كمال سخافة عقولهم وركاكة آرائهم وهي بناء أمرهم على غير مبني دليل سمعي أو عقلي وإعراضهم عما ألقي إليهم من سلطان بين هو أساس الدين أي يعبدون متجاوزين عبادة الله تعالى مالم ينزل به أي يجواز عبادته سلطانا أي حجة والتنكير للتقليل وهذا إشارة إلى الدليل السمعي الحاصل من جهة الوحي .
وقوله سبحانه وما ليس لهم به علم إشارة إلى الدليل العقلي أي ما ليس لهم بجواز عبادته علم من ضرورة العقل أو استدلاله والحاصل يعبدون من دون الله ما لا دليل من جهة السمع ولا من جهة العقل على جواز عبادته وتقديم الدليل السمعي لأن الإستناد في أكثر العبادات إليه مع أن التمسك به في هذا المقام أرجى في الخلاص إن حصل لوم من التمسك بالدليل العقلي وإن شككت فارجع إلى نفسك فيما إذا لامك شخص على فعل فإنك تجدها مائلة إلى الجواب بأنى فعلت كذا لأنك أخبرتني برضاك بأن أفعله أكثر من ميلها إلى الجواب بأني فعلته لقيام الدليل العقلي وهو كذا على رضاك به وإنكار ذلك مكابرة وقد يقال : إنما قدم هنا ما يشير إلى الدليل السمعي لأنه إشارة إلى دليل سمعي يدل على جواز تلك العبادة منزل من جهته تعالى غير مقيد بقيد بخلاف ما يشير إلى الدليل العقلي فإن فيه إشارة إلى دليل عقلي خاص بهم وحاصله أن التقديم والتأخير للإطلاق