من العذاب واستعجلوا به استهزاء وتعجيزا لرسلهم عليهم السلام كما فعل هؤلاء والجملة عطف على ما تقدمها جيء بها لتحقيق الرد كما تقدم فلذا جيء بالواو وجيء في نظيرتها السابقة بالفاء قيل : لأنها أبدلت من جملة مقرونة بها وفي إعادة الفاء تحقيق للبدلية وقيل : جيء بالفاء هناك لأن الجملة مترتبة على ما قبلها ولم يجيء بها هنا لعدم الترتب وقوله تعالى : وهي ظالمة جملة حالية مفيدة لكمال حلمه تعالى ومشعرة بطريق التعريض بظلم المستعجلين أي أمليت لها زالحال أنها ظالمة مستوجبة لتعجيل العقوبة كدأب هؤلاء ثم أخذتها بالعذاب والنكال بعد طول الإملاء والإمهال وإلي المصير .
48 .
- أي إلى حكمي مرجع جميع الناس أو جميع أهل القرية لا إلى أحد غيري لا استقلالا ولا شركة فأفعل بهم ما أفعل مما يليق بأعمالهم والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله مصرح بما أفاده ذلك بطرق التعريض من أن مآل أمر المستعجلين أيضا ما ذكر من الأخذ الوبيل .
قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين .
49 .
- ظاهر السياق يقتضي أن المراد بالناس المشركون فإن الحديث مسوق لهم فكأنه قيل : قل يا أيها المشركون المستعجلون بالعذاب إنما أنا منذر لكم إنذارا بينا بما أوحي إلي من أنباء الأمم المهلكة من غير أن يكون لي دخل في إتيان ما تستعجلون من العذاب الموعود حتى تستعجلوني به فوجه الإقتصار على الإنذار ظاهر وأما وجه ذكر المؤمنين وثوابهم في قوله تعالى : فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم .
50 .
- فالزيادة في إغاظة المشركين فهو بحسب المآل إنذار ويجوز أن يقال : إن قوله سبحانه : فالذين آمنوا الآية تفصيل لمن نجع فيه الإنذار من الناس المشركين ومن بقي منهم على كفره غير ناجع فيه ذلك كأنه قيل : إنذر يا محمد هؤلاء الكفرة المستعجلين بالعذاب وبالغ فيه فمن آمن ورجع عما هو عليه فله كذا ومن داوم على كفره واستمر على ما هو عليه فله كذا واختاره الطيبي وهو كما في الكشف حسن وعليه لا يكون التقسيم داخلا في المقول بخلاف الوجه الأول .
وقال بعض المحققين : الناس عام للمؤمن والكافر والمنذر به قيام الساعة وإنما كان صلى الله عليه وسلّم نذيرا مبينا لأن بعثه E من إشراطها فاجتمع فيه الإنذار قالا وحالا بقوله أنا لكم نذير مبين كقوله A الثابت في الصحيحين أنا النذير العريان وقد دل على ذلك تعقيب الخطاب بالإنذار تفصيل حال الفريقين عند قيامها أه .
ولا ما نع منه لو لا ظاهر السياق وكون المؤمنين لا ينذرون لا سيما وفيهم الصالح والطالح مما لا وجه له ومن منع من العموم لذلك قال : التقدير عليه بشير ونذير ونقل هذا عن الكرماني ثم المغفرة تحتمل أن تكون لما ندر من الذين آمنوا من الذنوب وذلك لا ينافي وصفهم بعمل الصالحات وتحتمل أن تكون لما سلف منهم قبل الإيمان والرجوع عما كانوا عليه والمراد بالرزق الكريم هنا الجنة كما يشعر به وقوعه بعد المغفرة وكذلك في جميع القرءات على ما أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي ومعنى الكريم في صفات غير الآدميين الفائق والذين سعوا في آياتنا أي بذلوا الجهد في إبطالها فسموها تارة سحرا وتارة