النعال بقلائد العهد ليتذكر بذلك ما أراد الله تعالى وتكون الجبال كالعهن المنفوش وقد ذكروا الجميع أفعال الحج أسرارا من هذا القبيل وعندي أن أكثرها تعبدية وأن أكثر ما ذكروه من قبيل الشعر والله تعالى الموفق للسداد .
إن الله يدافع عن الذين آمنوا كلام مستأنف مسوق لتوطين قلوب المؤمنين ببيان أن الله تعالى ناصرهم على أعدائهم بحيث لا يقدرون على صدهم عن الحج وذكر أن ذلك متصل بقوله تعالى : إن الذين كفروا ويصدون وأن ما وقع في البين من ذكر الشعائر مستطرد لمظيد تهجين فعلهم وتقبيحهم لازدياد قبح الصد بازدياد تعظيم ما صد عنه وتصويره بكلمة التحقيق لإبراز الإعتناء التام بمضمونه وصيغة المفاعلة إما للمبالغة أو للدلالة على تكرر الدفع فإنها قد تتجرد عن وقوع الفعل المتكرر من الجانبين فيبقى تكرره كالممارسة أي إن الله تعالى يبالغ في دفع غائلة المشركين وضررهم من جملته الصد عن سبيل الله تعالى والمسجد الحرام مبالغة من يغالب فيه أو يدفعها عنهم مرة بعد أخرى حسبما يتجدد منهم القصد إلى الإضرار بهم كما في قوله تعالى : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله .
وقرأ أبو عمرو وابن كثير يدفع والمفعول محذوف كما أشير إليه وفي البحر أنه لم يذكر ما يدفعه سبحانه عنهم ليكون أفخم وأعظم وأعم وأنت تعلم أن المقام لا يقتضي العموم بل هو غير صحيح .
وقوله تعالى : إن الله لا يحب كل خوان كفور .
38 .
- تعليل لما في ضمن الوعد الكريم من الوعيد للمشركين وإيذان بأن دفعهم بطريق القهر والخزي وقيل : تعليل للدفاع عن المؤمنين ببغض المدفوعين على وجه يتضمن أن العلة في ذلك الخيانة والكفر وأوثر لا يحب على يبغض تنبيها على مكان التعريض وأن المؤمنين هم أحباء الله تعالى ولعل الأول أولى لإيهام هذا أن الآية من قبيل قولك : إني أدفع زيدا عن عمرو لبغض زيدا وليس في ذلك كثير عناية بعمرو أي أن الله تعالى يبغض كل خوان في أماناته تعالى وهي أوامره تعالى شأنه ونواهيه أو في جميع الأمانات التي هي معظمها كفور لنعمه D وصيغة المبالغة فيهما لبيان أن المشركين كذلك لا للتقييد المشعر بمحبة الخائن والكافر أو لأن خيانة أمانة الله تعالى وكفران نعمته لا يكونان حقيرين بل هما أمران عظيمان أو لكثرة ما خانوا فيه من الأمانات وما كفروا به من النعم أو للمبالغة في نفي المحبة على اعتبار النفي أولا وإيراد معنى المبالغة ثانيا كما قيل في قوله تعالى : وما ربك بظلام للعبيد وقد علمت ما فيه .
وأياما كان فالمراد نفي الحب عن كل فرد فرد من الخونة الكفرة أذن أي رخص وقرأ ابن عباس وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي أذن بالبناء للفاعل أي أذن الله تعالى للذين يقاتلون أي يقاتلهم المشركون والمأذون فيه القتال وهو في قوة المذكور لدلالة المذكور عليه دلالة نيرة .
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب يقاتلون على صيغة المبني للفاعل أي يريدون أن يقاتلوا المشركين في المستقبل ويحرصون عليه فدلالته على المحذوف أنور بأنهم ظلموا أي بسبب أنهم ظلموا والمراد بالموصول أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الذين في مكة فقد نقل الواحدي وغيره أن المشركين كانوا يؤذونهم وكانوا يأتون النبي E بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه صلوات الله تعالى