وعليه يكون ذلك نظير منازل القلب التي تقطعها كواكب الإيمان السيارة لإظهار حوادث تجري في النفس كما تقطع السيارة منازلها في الفلك لإظهار الحوادث في العالم العنصري إلى غير ذلك مما لا يعرفه إلا أهل الكشف .
لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق أي إلى ما يليه فإن النحر بمنى وجعلت محلا للقرابين على ما ذكر الشيخ الأكبر محيي الدين قدس سره لأنها من بلوغ الأمنية ومن بلغ المنى المشروع فقد بلغ الغاية وفي نحر القرابين إتلاف أرواح عن تدبير أجسام حيوانية لتتغذى بها أجسام إنسانية فتنظر أرواحها إليها في حال تفردها فتدبرها إنسانية بعد ما كانت تدبرها إبلا أو بقرا وهذه مسئلة دقيقة لم يفطن لها إلا من نور الله تعالى بصيرته من أهل الله تعالى انتهى وتعقله مفوض إلى أهله فاجهد أن تكون منهم .
وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم حسبما يحصل لهم من التجلي عند ذلك وقد يحصل من الذكر طمأنينة القلب لاقتضاء التجلي إذ ذاك ذلك وذكر بعضهم أن لكل اسم تجليا خاصا فإذا ذكر الله تعالى حصل حسب الإستعداد ومن ههنا يحصل تارة وجل وتارة طمأنينة و إذا لا تقتضي الكلية بل كثيرا ما يؤتى بها في الشرطية الجزئية وقيل العارف متى سمع الذكر من غيره تعالى وجل قلبه ومتى سمعه منه D اطمأن ويفهم من ظاهر كلامهم أن السامع للذكر إما وجل أو مطمئن ولم يصرح بقسم آخر فإن كان فالباقي على حاله قبل السماع وأكثر مشائخ زماننا يرقصون عند سماع الذكر فما أدري أينشأ رقصهم عن وجل منه تعالى أم طمأنينة وسيظهر ذلك يوم تبلى السرائر وتظهر الضمائر والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف وقد تقدم لك أنهم ينحرون البدن معقولة اليد اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها وذكروا في سر ذلك أنه لما كان نحرها قربة أراد صلى الله عليه وسلّم المناسبة في صفة نحرها في الوترية فأقامها على ثلاث قوائم لأن الله تعالى وتر يحب الوتر والثلاثة أول الإفراد فلها أول المراتب في ذلك والأولية وترية أيضا وجعلها قائمة لأن القيمومية مثل الوترية صفة إلهية فيذكر الذي ينحرها مشاهدة القائم على كل نفس بما اكتسبت وقد صح أن المناسك إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى وشفع الرجلين لقوله تعالى والتفت الساق بالساق وهو اجتماع أمر الدنيا بالآخرة وأفرد اليمين من يد البدن حتى لا تعتمد إلا على وتر له الإقتدار وكان العقل في اليد اليسرى لأنها خلية عن القوة التي لليمنى والقيام لا يكون إلا عن قوة .
وقد أخرج مسلم عن ابن عباس أنه قال : صلى رسول الله A الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت عنها الدم وقلدها نعلين ثم ركب راحلته الحديث .
والسر في كون هديه E من الإبل مع أنه جاء فيها أنها شياطين ولذا كرهت الصلاة في معاطنها الإشارة إلى أن مقامه E رد البعداء من الله تعالى إلى حال التقريب وفي إشعارها في سنامها الذي هو أرفع ما فيها إشعار منه صلى الله تعالى عليه وسلم بأنه E أتى عليهم من صفة الكبرياء الذي كانوا عليه في نفوسهم فليجتنبوها فإن الدار الآخرة إنما جعلت للذين لا يريدون علوا في الأرض وفسادا ووقع الإشعار في الصفحة اليمنى لأن اليمين محل الإقتدار والقوة والصفحة من الصفح ففي ذلك إشعار بأن الله تعالى يصفح عمن هذه صفته إذا طلب القرب من الله تعالى وزال عن كبريائه الذب أوجب له البعد وجعل E الدلالة على إزالة الكبرياء في شيطنة البدن في تعليق النعال في رقابها إذ لا يصفح بالنعال إلا أهل الهون والمذلة ومن كان بهذه المثابة فما بقي فيه كبرياء تشهد وعلق