وقوله تعالى إلى البيت العتيق .
33 .
- في موضع الحال أي منتهية إلى البيت والمراد به ما يليه بعلاقة المجاورة فإنها لا تنتهي إلى البيت نفسه وإنما تنتهي إلى ما يقرب منه وقد جعلت منى منحرا ففي الحديث كل فجاج مكة منحر وكل فجاج منى منحر وقال القفال : هذا في الهدايا التي تبلغ مني وأما الهدى المتطوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة فمنحره موضعه وقالت الإمامية : منحر هدى الحج منى ومنحر هدى العمرة المفردة مكة قبالة الكعبة بالحزورة و ثم للتراخي الزماني أو الرتبي أي لكم فيها منافع دنيوية إلى أجل مسمى وبعده لكم منفعة دينية مقتضية للثواب الأخروي وهو وجوب نحرها أو وقت نحرها وفي ذلك مبالغة في كون نفس النحر منفعة والتراخي الرتبي ظاهر وأما التراخي الزماني فهو باعتبار أول زمان الثبوت فلا تغفل .
والمعنى على القول بأن المراد من الشعائر مواضع الحج لكم في تلك المواضع منافع بالأجر والثواب الحاصل بأداء ما يلزم أداؤه فيها إلى أجل مسمى وهو انقضاء أيام الحج ثم محلها أي محل الناس من أحرامهم إلى البيت العتيق أي منته إليه بأن يطوفوا به طواف الزيارة يوم النحر بعد أداء ما يلزم في هاتيك المواضع فأضافة المحل إليها لأدنى ملابسة وروي نحو ذلك عن مالك في الموطأ أو لكم فيها منافع التجارات في الأسواق إلة وقت المراجعة ثم وقت الخروج منها منتنهية إلى الكعبة بالإحلال بطواف الزيادة أو لكم منافع دنيوية وأخروية إلى وقت المراجعة الخ وهكذا يقال ما روى عن زيد بن أسلم من تخصيصها بالست وعلى القول بأن المراد بها شرائع الدين لكم في مراعاتها منافع دنيوية وأخروية إلى انقطاع التكليف ثم محلها الذي توصل إليه إذا روعيت منته إلى البيت العتيق وهو الجنة أو محل رعايتها منته إلى البيت العتيق وهو معبد للملائكة عليهم السلام وكونه منتهى لأنه ترفع إليه الأعمال وقيل كون محلها منتهيا إلى البيت العتيق أي الكعبة كما هو المتبادر باعتبار أن محل بعضها كالصلاة والحج منته إلى ذلك وقيل : غير ذلك والكل مما لا ينبغي أن يخرج عليه كلام أدنى الناس فضلا عن كلام رب العالمين وأهون ما قيل : إن الكلام على هاتيك الروايات متصل بقوله تعالى وأحلت لكم الأنعام وضمير فيها لها ولكل أمة جعلنا منسكا عطف على قوله سبحانه لكم فيه منافع أو على قوله تعالى ومن يعظم الخ وما في البين اعتراض على ما قيل وكأنى بك تختار الأول وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام عليه عند نظير الآية والمنسك موضع النسك إذا كان اسم مكان أو النسك إذا كان مصدرا وفسره مجاهد هنا بالذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى فجعله مصدرا وحمل النسك على عبادة خاصة وهو أحد استعمالاته وإن كان في الأصل بمعنة العبادة مطلقا وشاع في أعمال الحج وقال الفراء : المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد في خير وبر وفسره هنا بالعيد وقال قتادة : هو الحج وقال ابن عرفة منسكا أي مذهبا من طاعته تعالى .
واختار الزمخشري ما روي عن مجاهد وهو الأوفق أي شرع لكل أهل دين أن يذبحوا له تعالى على وجه التقرب لا لبعض منهم فتقديم الجار والمجرور على الفعل للتخصيص وقرأ الإخوان وابن سعدان وأبو حاتم عن أبي عمرو : ويونس ومحبوب وعبد الوارث منسكا بكسر السين قال ابن عطية وهو في هذا شاذ ولا يجوز في القياس ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب وقال الأزهري : الفتح والكسر