وقال أبو حيان : الأولى أن تكون الناصبة وكما توصل بالمضارع توصل بالماضي والأمر والنهي انتهى وحينئذ لا تنصب لفظا وقول أبي حاتم : لا بد من نصب الكاف على هذا رده في الدر المصون أي فعلنا ذلك لئلا تشرك بي في العبادة شيئا والظاهر أن الخطاب لإبراهيم عليه السلام ويؤيده قراءة عكرمة وأبي نهيك أن لا يشرك بالياء التحتية وقيل : الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم .
وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود .
26 .
- المراد بالطهارة ما يشمل الحسية والمعنوية أي وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلي عنده ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها من القيام والركوع والسجود للدلالة على أن كل واحدة منها مستقل باقتضاء الظهير أو التبوئة على ما قيل : فكيف وقد اجتمعت أو للتنصيص على هذه الأمة المحمدية على نبيها أفضل الصلاة وأكمل التحية إذ اجتماع هذه الأركان ليس إلا في صلاتهم ولم يعطف السجود لأنه من جنس الركوع في الخضوع وجوز أن يكون القائمين بمعنى المقيمين و الطائفين بمعنى الطارئين فيكون المراد بالركع السجود فقط المصلين إلا أن المتبادر من الطائفين ما ذكر أولا وأذن في الناس أي ناد فيهم بالحج بدعوة الحج والأمر به أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قال : رب قد فرغت فقال : أذن في الناس بالحج قال : يا رب وما يبلغ صوتي قال : أذن وعلي البلاغ قال : رب كيف أقول قال : قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه أهل السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيبون من أقصى البلاد يلبون وجاء في رواية أخرى عنه أنه عليه السلام صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أذنيه ثم نادى يا أيها الناس إن الله تعالى كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء وأول من أجاب أهل اليمن فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من أجاب يومئذ إبراهيم عليه السلام وفي رواية أنه قام على الحجر فنادى وعن مجاهد أنه عليه السلام قام على الصفا وفي رواية أخرى عنه أنه عليه السلام تطاول به المقام حتى كان كما طول جبل في الأرض فأذن بالحج ويمكن الجمع بتكرر النداء وأياما كان فالخطاب لإبراهيم عليه السلام وزعم بعضهم أنه لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أمر بذلك في حجة الوداع وروي ذلك عن الحسن وهو خلاف الظاهر جدا ولا قرينة عليه وقيل : يأباه كون السورة مكية وقد علمت ما فيه أولها .
وقرأ الحسن وابن محيصن و آذن بالمد والتخفيف أي أعلم كما قال البعض وقال آخرون : المراد به هنا أوقع الإيذان لأنه على الأول كان ينبغي أن يتعدى بنفسه لا بفي فهو كقوله : .
يجرح في عراقيبها نصلي .
وقال ابن عطية : وقد تصحفت هذه القراءة على ابن جني فإنه حكى عنهما وآذن فعلا ماضيا وجعله معطوفا على بوأنا وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بتصحيف بل قد حكى ذلك أبو عبد الله الحسين بن خالويه في شواذ القراءات من جمعه وقرأ ابن أبي إسحاق بالحج بكسر الحاء حيث وقع وقوله تعالى : يأتوك جزم في جواب الأمر وهو آذن على القراءتين و طهر على الثالثة كما قال صاحب اللوامح : وإيقاع الإتيان على ضميره عليه السلام لكون ذلك بندائه والمراد يأتوا بيتك وقوله سبحانه : رجالا في موضع