إبراهيم عليه السلام كلتا الفرقتين وألزمهم الحجة .
وذكر في موضع آخر أن ظهورهم كان في أول سنة من ملك طهمورث من ملوك الفرس ولفظ الصابئة عربي من صبا كمنع وكرم صبأ وصبوأ خرج من دين إلى آخر والنصارى والمجوس هم على ما يرى عن قتادة أيضا قوم يعبدون الشمس والقمر والنيران واقتصر بعضهم على وصفهم بعبادة الشمس والقمر وآخرون على وصفهم بعبادة النيران وقيل : هم قوم اعتزلوا النصارى ولبسوا المسوح وقيل : قوم أخذوا من دين النصارى شيئا ومن دين اليهود شيئا وهم قائلون بأن للعالم أصلين نور أو ظلمة وفي كتاب الملل والنحل ما يدل على أنهم طوائف وأنهم كانوا قبل اليهود والنصارى وأنهم يقولون بالشرائع على خلاف الصابئة وأن لهم شبهة كتاب وأنهم يعظمون النار وفيه أن بيوت النيران للمجوس كثيرة فأول بيت بناه أفريدون بين نار بطوس وآخر بمدينة بخارى هوبردسون واتخذ بهمن بيتا بسجستان يدعى كركو ولهم بيت نار ببخارى أيضا يدعى قبادان وبيت نار يسمى كونشة بين فارس وأصفهان بناه كيخسرد وآخر بقومش يسمى جرير وبيت نار كيكدر بناه في مشرق الصين وآخر بارجان من فارس اتخذه أرجان جد كشتاسف وكل هذه البيوت كانت قبل زرادشت ثم جدد زرادشت بيت نار بنيسا بعد كشتاسف أن تطلب النار التي كان يعظمها جم فوجدوها بمدينة خوارزم فنقلها إلى دار أبجرد والمجوس يعظمونها أكثر من غيرها وكيخسرد ولما غزا أفراسياب عظمها وسجد لها ويقال : إن أنوشر وإن هو الذي نقلها إلى كارشان فتركوا بعضها هناك وحملوا بعضها إلى نسا وفي بلاد الروم على باب قسطنطينية بيت نار اتخذه شابور بن أزدشير فلم تزل كذلك إلى أيام المهدي وبيت نار باسفيثا على قرب مدينة السلام لبوران بنت كسرى وفي الهند والصين بيوت نيران أيضا والمجوس إنما يعظمون النار لمعان منها أنها جوهر شريف علوي يظنون أن ذلك ينجيهم من عذاب نار يوم القيامة ولم يدركوا أن ذلك السبب الأعظم لعذابهم أه .
وفيه ما لا يخفى على من راجع التواريخ وفي القاموس مجوس كصبور رجل صغير الأذنين وضع دينا ودعا إليه معرب ميخ كوش وفي الصحاح المجوسية نحلة والمجوسي نسبة إليها والجمع المجوس قال أبو علي النحوي : المجوس واليهود إنما عرفا على حد يهودي ويهود ومجوسي ومجوس فجمع على قياس شعيرة وشعير ثم عرف الجمع بالألفت واللام ولو ذلك لم يجز دخول الألف واللام عليهما لأنها معرفتان مؤنثان فجريا في كلامهم مجرى القبيلتين ولم يجعلا كالحيين في باب الصرف وأنشد : أحار أريك برقاهب وهنا كنار مجوس يستعر استعارا انتهى وذكر بعضهم أن مجوس معرب موكوش وأطلق على أولئك القوم لأنهم كانوا يرسلون شعور رؤسهم إلى آذانهم ونقل في البحر أن الميم بدل من النون وأطلق ذلك عليهم لاستعمالهم النجاسات وهو قول لا يعول عليه والذين أشركوا المشهور أنهم عبدة الأوثان وقيل ما يعمهم وسائر من عبد مع الله تعالى إلها آخر من ملك وكوكب وغيرهما ممن لم يشتهر باسم خاص كالصابئة والمجوس وقوله تعالى : إم الله يفصل بينهم يوم القيامة في حيز الرفع على أنه خبر لأن السابقة وأدخلت إن على كل واحد من