وقيل : المعنى ذلك ليعلموا أن الله هو الحق الخ وفيه تلويح ما إلى معنى الحديث القدسي المشهور على الألسنة وفي كتب الصوفية وإن لم يثبت عند المحدثين وهو كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف وهو كما ترى وقيل : الإشارة إلى البعث المستدل عليه بما سبق واستظهره بعضهم ولا يخفى عليك ما يحتاج إليه من التكلف ونقل في البحر أن ذلك منصوب بفعل مضمر أي فعلنا ذلك بأن الخ وأبو علي اقتصر على القول بأنه مرفوع على الإبتداء والجار والمجرور خبره وقال : لا يجوز غير ذلك وكأنه عنى بالغير ما ذكر وما نقله العكبري من أنه خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر ذلك والحق الجواز إلا أنه خلاف الظاهر جدا ثم إن المراد من الساعة قيل يوم القيامة المشتمل على النشر والحشر وغيرهما وقال سعدي جلبي المراد بها هنا فناء العالم بالكلية لئلا تتكرر مع البعث وقول الطيبي إن سبيل قوله تعالى أن الساعة آتية من قوله سبحانه أن الله يبعث من في القبور سبيل قوله جل وعلا أن الله على كل شيء قدير من قوله D وأنه يحيي الموتى لكن قدم وأخر لرعاية الفواصل ظاهر في الأول هذا وفي الإتقان للجلال السيوطي أن الإسلاميين من أهل المنطق ذكورا أن في أول سورة الحج إلى قوله تعالى وأن الله يبعث من في القبور خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات ثم بين ذلك بما يقتضي منه العجب ويدل على قصور باعه في ذلك العلم وقد يقال في بيان ذلك : إن النتائج الخمس هي الجمل المتعاطفة الداخلة في حيز الباء واستنتاج الأولى بأنه لو لم يكن الله سبحانه هو الحق أي الواجب الوجود لذاته لما شوهد بعض الممكنات من الإنسان والنبات وغيرها والتالي باطل ضرورة فالله تعالى هو الحق ودليل الملازمة برهان المانع واستنتاج الثانية بأنه لو لم يكن سبحانه قادرا على إحياء الموتى لما طور الإنسان في اطوار مختلفة حتى جعله حيا وأنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها والتالي باطل ضرورة أن الخصم لا ينكر أنه تعالى أحيا الإنسان وأحيا الأرض فالله تعالى قادر على إحياء الموتى ووجه الملازمة ظاهر واستنتاج الثالثة بأنه إذا كان الله تعالى قادرا على إحياء الموتى فهو سبحانه على كل شيء قدير لكنه تعالى قادر على إحياء الموتى فهو على كل شيء قدير ووجه الملازمة أن المراد من الشيء الممكن وإحياء الموتى ممكن والقدرة على بعض الممكنات دون بعض تنافي وجوب وجوده تعالى الذاتي وأيضا إحياء الموتى أصعب الأمور عند الخصم المجادل حتى زعم أنه من الممتنعات فإذا ثبت أنه سبحانه قادر عليه بما سبق ثبت أنه تعالى قادر على سائر الممكنات بالطريق الأولى واستنتاج الرابعة بأن الساعة أمر ممكن وعد الصادق بإتيانه وكل أمر ممكن وعد الصادق بإتيانه فهو آت فالساعة آتية أما أن الساعة أمر ممكن فلأنه لا يلزم من فرض وقوعها محال وأما أنها وعد الصادق بإتيانها فللآيات القرآنية المتحدي بها وأما أن كل أمر ممكن وعد الصادق بإتيانه فهو آت فلاستحالة الكذب واستنتاج الخامسة بنحو ذلك ولا يتعين استنتاج كل بما ذكر بل يمكن بغير ذلك واختباره لتسارعه إلى الذهن وربما يقتصر على ثلاث من هذه الخمس بناء على ما علمت بين قوله تعالى وأنه يحيي الموتى وقوله تعالى وأنه على كل شيء قدير وكذا بين قوله سبحانه وأن الساعة آتية وقوله سبحانه وأن الله يبعث من في القبور ويعد من الخمس قوله تعالى إن زلزلة الساعة شيء عظيم واستنتاجها بأن يقال : زلزلة الساعة تذهل كل مرضعة عما أرضعت وكل ما هذا شأنه فهو شيء عظيم فزلزلة الساعة شيء عظيم والتقوى واجبة عليكم المدلول عليه بقوله تعالى واتقوا ربكم واستنتاجه بأن يقال : التقوى يندفع بها ضرر الساعة وكل ما يندفع به الضرر واجب عليكم فالتقوى واجبة عليكم ولا يخفى أن ما ذكر