ابن حصين قال : لما نزلت يا أيها الناس إلى ولكن عذاب الله شديد كان صلى الله تعالى عليه وسلم في سفر فقال : أتدري أي يوم ذلك قالوا : الله تعالى ورسوله أعلم قال : ذلك يوم يقوم الله تعالى لآدم عليه السلام ابعث بعث النار قال : يا رب وما بعث النار قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة فانشأ المسلمون يبكون فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : قاربوا وسددوا وأبشروا فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية فتؤخذ العدة من الجاهلية فإن تمت وإلا كملت من المنافقين وما مثلكم في الأمم إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا قال : ولا أدري قال الثلثين أم لا وحديث البعث مذكور في الصحيحين وغيرهما لكن بلفظ آخر وفيه كالمذكور ما يؤيد كون هذه الزلزلة في يوم القيامة وهو المروي عن الحسن .
وأخرج ابن المنذر وغيره عن علقمة والشعبي وعبيد بن عمير أنها تكون قبل طلوع الشمس من مغربها وإضافتها إلى الساعة على هذا لكونها من إمارتها وقد وردت آثار كثيرة في حدوث زلزلة عظيمة قبل قيام الساعة هي من أشراطها إلا أن في كون تلك الزلزلة هي المراد هنا إذ لا يناسب ذلك كون الجملة تعليلا لموجب أمر جميع الناس بالتقوى ثم أنها على هذا القول على معناها الحقيقي وهو حركة الأرض العنيفة وتحدث هذه الحركة بتحريك ملك بناء ما روي أن في الأرض عروقا تنتهي إلى جبل قاف وهي بيد ملك هناك فإذا أراد الله D أمرا أمره أن يحرك عرقا فإذا حركه زلزلت الأرض .
وعند الفرسفة أن البحار إذا احتبس في الأرض وغلظ بحيث لا ينفذ في مجاريها لشدة استحصافها وتكاثفها اجتمع طالبا للخروج ولم يمكنه فزلزلت الأرض وربما اشتدت الزلزلة فخسفت الأرض فيخرج نار لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان لا سيما إذا امتزجا امتزاجا مقربا إلى الدهنية وربما قويت المادة على شق الأرض فتحدث أصوات هائلة وربما حدثت الزلزلة من تساقط عوالي وهدأت في باطن الأرض فيتموج بها الهواء المحتقن فتتزلزل به الأرض وقليلا ما تتزلزل بسقوط قلل الجبال لبعض الأسباب .
ومما يستأنس به للقول بأن سببها احتباس البخار الغليظ وطلبه للخروج وعدم تيسره كثرة الزلازل في الأرض الصلبة وشدتها بالنسبة إلى الأرض الرخوة ولا يخفى أنه إذا صح حديث في بيان سبب الزلزلة لا ينبغي العدول عنه وإلا فلا بأس بالقول برأي الفراسفة في ذلك وهو لا ينافي القول بالفاعل المختار كما ظن بعضهم وهي على القول بأنها يوم القيامة قال بعضهم : على حقيقتها أيضا وقال آخرون : هي مجاز عن الأهوال والشدائد التي تكون في ذلك اليوم وفي التعبير عنها بالشيء إيذان بأن العقول قاصرة عن إدراك كنهها والعبارة ضيقة لا تحيط بها إلا على وجه الإبهام وفي البحر أن إطلاق الشيء عليها مع أنه لم توجد بعد يدل على أنه يطلق على المعدوم ومن منع ذلك قال : إن إطلاقه عليها ليتقن وقوعها وصيرورتها إلى الوجود لا محالة .
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت الظاهر أن الظمير المنصور في ترونها للزلزلة لأنها المحدث عنها وقيل هو للساعة وهو كما ترى و يوم منتصب بتذهل قدم عليه للإهتمام وقيل بعظيم وقيل