وأخرج ابن المنذر عن قتادة أنها مدنية غير أربغ آيات وما أرسلنا من قبلك من رسول إلى عذاب يوم عقيم فإنها مكيات والأصح القول بأنها مختلطة فيها مدني ومكي وإن اختلف في التعيين وهو قول الجمهور وعدة آياتها ثمان وتسعون في الكوفي وسبع وتسعون في المكي وخمس وتسعون في البصري وأربع وتسعون في الشامي ووجه مناسبتها للسورة التي قبلها ظاهر وجاء في فضلها ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي زابن مردوية والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين قال : نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما والروايات في أن فيها سجدتين متعددة مذكورة في الدر المنثور نعم أخرج ابن أبي شيبة من طريق العريان المجاشعي عن ابن عباس قال : في الحج سجدة واحدة وهي الأولى كما جاء في رواية .
بسم الله الرحمن الرحيم .
يا أيها الناس اتقوا ربكم خطاب يعم حكمه المكلفين عند النزول ومن سينتظم في سلكهم بعد من الموجودين القاصرين عن رتبة التكليف والحادثين بهد ذلك إلى يوم القيامة لكن لا بطريق الحقيقة عندنا بل بطريق التغليب أو تعميم الحكم بدليل خارجي فإن خطاب المشافهة لا يتناول من لم يكلف بعد وهو خاص بالمكلفين الموجودين عند النزول خلافا للحنابلة وطائفة من السلفيين والفقهاء حيث ذهبوا إلى تناوله الجميع حقيقة ولا خلاف في دخول الإناث كما قال الآدمي في نحو الناس مما يدل على الجمع ولم يظهر فيه علامة على تذكير ولا تأنيث وإنما الخلاف في دخولهن في نحو ضمير اتقوا والمسلمين فذهبت الشافعية والأشاعرة والجمع الكثير من الحنفية والمعتزلة إلى نفيه وذهبت الحنابلة وابن داود وشذوذ من الناس إلى إثباته والدخول هنا عندنا بطريق التغليب .
وزعم بعضهم أن الخطاب خاص بأهل مكة وليس بذاك والمأمول به مطلق التقوى الذي هو التجنب عن كل مايؤثم من فعل وترك ويندرج فيه الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر حسبما ورد به الشرع اندراجا أوليا لكن على وجه يعم الإيجاد والدوام والمناسب لتخصيص الخطاب بأهل مكة أن يراد بالتقوى المرتبة الأولى منها وهو التوقي عن الشرك والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لتأييد الأمر وتأكيد إيجاب الإمتثال به ترهيبا وترغيبا أي احذروا عقوبة مالك أمركم ومريبكم وقوله تعالى : إن زلزلة الساعة شيء عظيم .
1 .
- تعليل لموجب الأمر بذكر أمر هائل فإن ملاحظة عظم ذلك وهوله وفظاعة ما هو من مباديه ومقدماته من الأحوال والأهوال التي لا ملجأ منها سوى التدرع بلباس التقوى مما يوجب مزيد الإعتنار بملابسته وملازمته لا محالة والزلزلة التحريك الشديد والإزعاج العنيف بطريق التكرير بحيث يزيل الأشياء من مقارها ويخرجها عن مراكزها وإضافتها إلى الشاعة إما من إضافة المصدر إلى فاعله لكن على سبيل المجاز في النسبة كما قيل في قوله تعالى : بل مكر الليل والنهار لأن المحرك حقيقة هو الله تعالى والمفعول الأرض أو الناس أو من إضافته إلى المفعول لكن على أجرائه مجرى المفعول به اتساعا كما في قوله تعالى : .
يا سارق الليلة أهل الدار .
وجوز أن تكون الإضافة على معنى في وقد أثبتها بعضهم وقال بها في الآية السابقة وهي عند بعض المذكورين في قوله تعالى : إذا زلزلت الأرض زلزالها وتكون على ما قيل عند النفخة الثانية وقيام الساعة بل روي عن ابن عباس أن زلزلة الساعة قيامها .
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والنسائي والترمذي والحاكم وصححاه عن عمران