أن تكون ظاهرة فيه أو فيما يعمه بل هي ظاهرة في غير العالم لا سيما هنا لأن الخطاب مع عبدة الأصنام وإذا كانت ظاهرة فيما لا يعقل وجب تنزيلها عليه وما ذكر من الوجه الأول في المعنى فليس بنص في أن المعترضين إنما اعترضوا لفهمهم العموم من ما وضعا لجواز أن يكون ذلك لفهمهم إياه من دلالة النص كما مر وما ذكر من الوجه الثاني من عدم الإحتياج إلى قوله تعالى من دون الله فإنما يصح أن لو لم تكن فيه فائدة وفائدته مع التأكيد تقبيح ما كانوا عليه وإن سلمنا أن ما حقيقة فيمن يعقل فلا نسلم أن بيان التخصيص لم يكن مقارنا للآية فإن دليل العقل صالح للتخصيص خلافا لطائفة شاذة من المتكلمين والعقل قد دل على امتناع تعذيب أحد بجرم صادر من غيره اللهم إلا أن يكون راضيا بجرم ذلك الغير وأحد من العقلاء لم يخطر بباله رضا المسيح وعزير والملائكة عليهم السلام بعبادة من عبدهم وما مثل هذا الدليل العقلي فلا نسلم عدم مقارنته للآية وأما قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية فإنما ورد تأكيد بضم الدليل الشرعي إلى الدليل العقلي مع الإستغناء عن أصله أما أن يكون هو المستقل بالبيان فلا وعدم تعرضه صلى الله عليه وسلّم للدليل العقلي لم يكن لأنه لم يكن بل لأنه E لما رآهم لم يلتفتوا إليه وأعرضوا عنه فاعترضوا بما اعترضوا مع ظهوره انتظر ما يقويه من الدليل السمعي أو لأن الوحي سبقه E فنزلت الآية قبل أن ينبههم على ذلك وقيل : إنهم تعنتوا بنوع من المجاز فنزل ما يدفعه وقيل : إن هذا خبر لا تكليف فيه والإختلاف في جواز تأخير البيان مخصوص بما فيه تكليف وفيه نظر وقال العلامة ابن الكمال : لا خلاف بيننا وبين الشافعي في قصر العام على بعض ما يتناوله بكلام مستقل متراخ إنما الخلاف في أنه تخصيص حتى يصير العام به ظنيا في الباقي أو نسخ حتى يبقى على ما كان فلا وجه للإحتجاج بقوله تعالى وما تعبدون من دون الله لأن الثابت به على تقدير التمام قصر العام بالمتراخي والخلاف فيما وراءه والدليل قاصر على بيانه ولا للجواب بأن ما تعبدون لا يتناول عيسى وعزيزا والملائكة عليهم السلام لا لأن ما لغير العقلاء لما أنه على خلاف ما عليه الجمهور بل لأنهم ما عبدوا حقيقة على ما أفصح عنه A حين قال ابن الزبعري : أليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا المسيح وبنوا مليح عبدوا الملائكة بقوله A : بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك فقوله تعالى إن الذين الآية لدفع ذهاب الوهم إلى التناول ولهم نظرا إلى الظاهر .
وجوابه A بذلك مما رواه ابن مردوية والواحدي عن ابن عياس رضي الله تعالى عنهما وفيه فأنزل الله تعالى إن الذين سبقت الآية وعلى وفق هذا ورد جواب الملائكة عليهم السلام في قوله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن والجمع بين هذه الرواية والرواية السابقة أنه A بعد أن ذكر لابن الزبعري أن الآية عامة لكل من عبد من دون الله تعالى بطريق دلالة النص وقال ابن الزبعري : أليس اليهود الخ ذكر عدم تناولها المذكورين عليهم السلام من حيث أنهم لم يشاركوا الأصنام في النعبودية من دون الله تعالى لعدم أمرهم ولارضاهم بما كان الكفرة يفعلون ولعل فيه رمزا خفيا إلى الدليل العقلي على عدم مؤاخذتهم ثم نزلت الآية تأكيدا لعدم التناول لكن لا يخفى أن هذه الرواية إن صحت تقتضي أن لا تكون الأصنام معبودة أيضا لأنها لم تأمرهم بالعبادة فلا تكون ما مطلقة عليها بل على الشياطين بناء على أنها هي الآمرة الراضية بذلك فهي معبوداتهم ولذا قال إبراهيم عليه السلام يا أبت لا تعبد الشيطان مع أنه كان يعبد الأصنام ظاهرا