الحال بتأويلهما باسم الفاعل ويجوز أن يكون ذلك بتقدير مضاف أي ذوي رغب ويجوز إبقاؤهما على الظاهر مبالغة وجوز أن يكون جمعين كخدم جمع خادم لكن قالوا إن هذا الجمع مسموع في ألفاظ نادرة وجوز أن يكون نصبا على التعليل أي لأجل الرغبة والرهبة وجوز أبو البقاء نصبهما على المصدر نحو قعدت جلوسا وهو كما ترى .
وحكى في مجموع البيان أن الدعاء رغبة ببطون الأكف ورهبة بظهورها وقد قال بعض علمائنا والظاهر أن الجملة معطوفة على جملة يسارعون فهي داخلة معها في حيز كانوا وفي عدم إعادتها رمز إلى أن الدعاء المذكور من توابع تلك المسارعة وقرأت فرقة يدعونا بحذف نون الرفع وقرأ طلحة يدعونا بنون مشددة أدغم نون الرفع في نون ضمير النصب وقرأ رغبا ورهبا بفتح الراء وإسكان ما بعدها و رغبا ورهبا بالضم والإسكان وكانوا لنا خاشعين .
90 .
- أي مخبتين متضرعين أو دائمي الوجل وحاصل التعليل أنهم نالوا من الله تعالى ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة .
وقوله تعالى والتي أحصنت فرجها نصب نصب نظائره السابقة وقيل رفع على الإبتداء والخبر محذوف أي مما يتلى عليكم أو هو قوله تعالى فنفخنا فيها من روحنا والفاء زائدة عند من يجيزه والمراد بالموصول مريم عليها السلام والإحصان بمعناه اللغوي وهو المنع مطلقا والفرج في الأصل الشق بين الشيئين كالفرجة وما بيم الرجلين ويكنى به عن السوأة وكثر حتى صار كالصريح في ذلك وهو المراد هنا عند جماعة أي منعت فرجها من النكاح بقسميه كما قالت ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا وكان التبتل غذ ذاك مشروعا للنساء والرجال وقيل الفرج هنا جيب قميصها منعته من جبريل عليه السلام لما قرب منها لينفخ حيث لم تعرفه .
وعبر عنها بما ذكر لتفخيم شأنها وتنزيهها عما زعموه في حقها والمراد من الروح معناه المعروف والإضافة إلى ضميره تعالى للتشريف ونفخ الروح عبارة عن الإحياء وليس هناك نفخ حقيقة ثم هذا الإحياء لعيسى عليه السلام وهو لكونه في بطنها صح أن يقال : نفخنا فيها فإن ما يكون فيما في الشيء يكون فيه فلا يلزم أن يكون المعنى أحييناها وليس بمراد وهذا كما يقول الزمار نفخت في بيت فلان وهو قد نفخ في المزمار في بيته وقال أبو حيان : الكلام على تقدير مضاف أي فنفخنا في ابنها .
ويجوز أن يكون المراد من الروح جبريل عليه السلام كما قيل في قوله تعالى فأرسلنا إليها روحنا ومن ابتدائية وهناك نفخ حقيقة وإسناده إليه تعالى مجاز أي فنفخنا فيها من جهة روحنا وكان جبريل عليه السلام قد نفخ من جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها فصح أن النفخ فيها من غير غبار يحتاج إلى النفخ ثم النفخ لازم وقد يتعدى فيقال نفخنا الروح .
وجاء ذلك في بعض الشواذ ونص عليه بعض الأجلة فإنكاره من عدم الإطلاع وجعلناها وابنها أي جعلنا قصتهما أو حالهما آية للعالمين .
91 .
- فإن من تأمل حالتهما تحقق كمال قدرته D فالمراد بالآية ما حصل بهما من الآية التامة مع تكاثر كل واحد منهما وقيل أريد بالآية الجنس الشامل ما لكل واحد منهما من الآيات المستقلة وقيل : المعنى وجعلناها آية وابنها آية فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها