والمشهور عن اليصريين أنه متى وجد المفعول به لم يقم غيره مقام الفاعل وقيل إن المؤمنين منصوب بإضمار فعل أي وكذلك نجى هو من الإنجاء ننجي المؤمنين وقيل هو منصوب بضمير المصدر والكل كما ترى وزكريا أي واذكر خبره عليه السلام إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا أي وحيدا بلا ولد يرثني كما يشعر به التذييل بقوله تعالى وأنت خير الوارثين .
89 .
- ولو كان المراد بلا ولد يصاحبني ويعاونني لقيل وأنت خير المعينين والمراد بقوله وأنت خير الوارثين وأنت خير حي يبقى بعد ميت وفيه مدح له تعالى بالبقاء وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء وفي ذلك استمطار لسحائب لفظه D وقيل أراد بذلك رد الأمر إليه سبحانه كأنه قال : إن لم ترزقني ولدا يرثني فأنت خير وارث فحسبي أنت .
واعترض بأنه لا يناسب مقام الدعاء إذ من آداب الداعي أن يدعو بجد واجتهاد وتصميم منه ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا دعا أحدكم فلا يقل : اللهم اغفر لي إن شئت ارحمني إن شئت ارزقني إن شئت ليعزم مسألته فإن الله تعالى يفعل ما يشاء لا مكره له وفي رواية في صحيح مسلم ولكن ليعزم المسألة وليعزم الرغبة فإن الله تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه ويمكن أن يقال : ليس هذا من قبيل ارزقني إن شئت إذ ليس المقصود منه إلا إظهار الرضا والإعتماد على الله D لو لم يجب دعاءه وليس المقصود من ارزقني إن شئت ذلك فتأمل .
فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له يحيى وقد مر بيان كيفية ذلك وأصلحنا له زوجه أي أصلحناها للمعاشرة بتحسين خلقها وكانت سيئة الخلق طويلة اللسان كما روي عن ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ومحمد ابن كعب القرظي وعون بن عبد الله أو أصلحناها له عليه السلام برد شبابها إليها وجعلها ولودا وكانت لا تلد كما روي عن ابن جبير وقتادة وعلى الأول تكون هذه الجملة عطفا على جملة استجبنا لأنه عليه السلام لم يدع بتحسين خلق زوجه .
قال الخفاجي : ويجوز عطفها على وهبنا وحينئذ يظهر عطفه بالواو لأنه لما فيه من الزيادة على المطلوب لا يعطف بالفاء التفصيلية وعلى الثاني العطف على وهبنا وقدم هبة يحيى مع توقفها على إصلاح الزوج للولادة لأنها المطلوب الأعظم والواو لا تقتضي ترتيبا فلا حاجة لما قيل : المراد بالهبة إرادتها قال الخفاجي : ولم يقل سبحانه : فوهبنا لأن المراد الإمتنان لا التفسير لعدم الإحتياج إليه مع أنه لا يلزم التفسير بالفاء بل قد يكون العطف التفسيري بالواو انتهى ولا يخفى ما فيه فتدبر وقوله تعالى : إنهم كانوا يسارعون في الخيرات تعليل لما فصل من فنون إحسانه المتعلقة بالأنبياء المذكورين سابقا عليهم السلام فضمائر الجمع للأنبياء المتقدمين وقيل : لزكريا وزوجه ويحيى والجملة تعليل لما يفهم من الكلام من حصول القربى والزلفى والمراتب العالية لهم أو استئناف وقع جوابا عن سؤال تقديره ما حالهم والمعول عليه ما تقدم والمعنى إنهم كانوا يجحدون ويرغبون في أنواع الأعمال الحسنة وكثيرا ما يتعدى أسرع بفي لما فيه من معنى الجد والرغبة فليست في بمعنى إلى أو للتعليل ولا الكلام من قبيل .
يجرح في عراقيبها نصلي .
ويدعوننا رغبا ورهبا أي راغبين في نعمتنا وراهبين من نقمتنا أو راغبين في قبول أعمالهم وراهبين من ردها فرغبا ورهبا مصدران في موضع