فنجينا بالفاء وزكريا عليه السلام يصدر منه ما يعد ذنبا بالنسبة إليه ليتلطف في سؤال عدم المؤاخذة مع أنه قال سبحانه في قصته ووهبنا بالواو فلا بد حينئذ من بيان نكتة غير ما ذكر للتعبير في كل موضع من هذين الموضعين بما عبر وسيأتي إن شاء الله تعالى ما ذكره الشهاب في الآية الأخيرة وربما يقال : إنه جيء بالفاء التفصيلية في قصة نوح وأيوب عليهما السلام اعتناء بشأن الإستجابة لمكان الإجمال والتفصيل لعظم ما كانا فيه وتفاقمه جدا ألا ترى كيف يضرب المثل ببلاء أيوب عليه السلام حيث كان في النفس والأهل والمال واستمر إلى ما شاء الله تعالى وكيف وصف الله تعالى ما نجى الله سبحانه منه نوحا عليه السلام حيث قال D فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ولا كذلك ما كان فيه ذو النون وزكريا عليهما السلام بالنسبة إلى ذلك فلذا جيء في آيتيهما بالواو وهي وإن جاءت للتفسير لكن مجيء الفاء لذلك أكثر ولا يبعد عندي ما ذكره الخفاجي في هذه الآية من كون الإستجابة عبارة عن قبول توبته والتنجية زيادة إحسان على مطلوبه ويقال فيما سيأتي ما ستسمعه إن شاء الله تعالى وكذلك أي مثل ذلك الإنجاء الكامل ننجي المؤمنين .
88 .
- من غموم دعوا الله تعالى فيها بالإخلاص لا إنجاء أدنى منه .
وقرأ الجحدري ننجي مشددا مضارع نجي وقرأ ابن عامر وأبو بكر نجي بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم وإسكان الياء واختار أبو عبيدة هذه القراءة على القراءة بنونين لكونها أوفق بالرسم العثماني لما أنه بنون واحدة وقال أبو علي في الحجة : روي عن أبي عمرو نجي بالإدغام والنون لا تدغم في الجيم وإنما أخفيت لأنها ساكنة تخرج من الخياشيم فحذفت من الكتاب وهي في اللفظ ومن قال : تدغم فقد غلط لأن هذه النون تخفي مع حروف الفم وتسمى الأحرف الشجرية وهي الجيم والشين والضاد وتبيينها لحن فلما أخفى ظن السامع أنه مدغم انتهى .
وقال أبو الفتح ابن جني : أصله ننجي كما في قراءة الجحدري فحذفت النون الثانية لتوالي المثلين والأخرى جيء بها لمعنى والثقل إنما حصل بالثانية وذلك كما حذفت التاء الثانية في تظاهرون ولا يضر كونها أصلية وكذا لا يضر عدم اتحاد حركتها مع حركة النون الأولى فإن الداعي إلى الحذف اجتماع المثلين مع تعذر الإدغام فقول أبي البقاء : إن هذا التوجيه ضعيف لوجهين أحدهما أن النون الثانية أصل وهي فاء الكلمة فحذفها يبعد جدا والثاني أن حركتها غير حركة النون الأولى فلا يستثقل الجمع بينهما بخلاف تظاهرون ليس في حيز القبول وإنما امتنع الحذف في تتجافى لخوف اللبس بالماضي بخلاف ما نحن فيه لأنه لو كان ما ضيا لم يسكن آخره وكونه سكن تخفيفا خلاف الظاهر وقيل هو فعل ماض مبني لمالم يسم فاعله وسكنت الياء للتخفيف كما في قراءة من قرأ وذروا ما بقي من الربا وقوله : هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف ونائب الفاعل ضمير المصدر و المؤمنين مفعول به وقد أجاز قيام المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول به الأخفش والكوفيون وأبو عبيد وخرجوا على ذلك قراءة أبي جعفر ليجزي قوما وقوله : ولو ولدت فقيرة جرو كلب لسب بذلك الكلب الكلابا