وقال الزجاج : حال من الفاعل أي يخشونه غائبين عن أعين الناس ورجحه ابن عطية وقيل : يخشونه بقلوبهم وهم من الساعة مشفقون .
49 .
- أي خائفون بطريق الإعتناء والجملة تحتمل العطف على الصلة وتحتمل الإستئناف وتقديم الجار لرعاية الفواصل وتخصيص إشفاقهم من الساعة بالذكر بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق للإيذان بكونها معظم المخلوقات وللتنصيص على اتصافهم بضد ما اتصف به المستعجلون وإيثار الجملة الإسمية للدلالة على أن حالتهم فيما يتعلق بالآخرة الإشفاق الدائم وهذا أي القرآن الكريم أشير إليه بهذا للإيذان بسهولة تناوله ووضوح أمره وقيل : لقرب زمانه ذكر يتذكر به من تذكر وصف بالوصف الأخير للتوراة لمناسبة المقام وموافقته لما مر في صدر السورة الكريمة مع انطواء جميع ما تقدم في وصفه بقوله سبحانه : مبارك أي كثير الخير غزير النفع ولقد عاد علينا ولله تعالى الحمد من بركته ما عاد .
وقوله تعالى : أنزلناه إما صفة ثانية لذكر أو خبر آخر لهذا وفيه على التقديرين من تعظيم أمر القرآن الكريم ما فيه أفأنتم له منكرون .
50 .
- إنكار لإنكارهم بعد ظهور كونه كالتوراة كأنه قيل أبعد أن علمتم أن شأنه كشأن التوراة أنتم منكرون لكونه منزلا من عندنا فإن ذلك بعد ملاحظة حال التوراة مما لا مساغ له أصلا وتقديم الجار والمجرور لرعاية الفواصل أو للحصر لأنهم معترفون بغيره مما في أيدي أهل الكتاب .
ولقد آتينا إبراهيم رشده أي الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل الكبار وهو الرشد الكامل أعني الإهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا والإرشاد بالنواميس الإلهية وقيل الصحف وقيل : الحكمة : التوفق للخير صغيرا واختار بعضهم التعميم .
وقرأ عيسى الثقفي رشده بفتح الراء والشين وهما لغة كالحزن والحزن من قبل أي من قبل موسى وهارون وقيل من قبل البلوغ حين خرج من السرب وقيل من قبل أن يولد حين كان في صلب آدم عليه السلام وقيل من قبل محمد صلى الله عليه وسلّم والأول مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم قال في الكشف : وهو الوجه الأوفق لفظا ومعنى أما الأول فللقرب وأما الثاني فلأن ذكر الأنبياء عليهم السلام للتأسي وكان القياس أن يذكر نوح ثم إبراهيم ثم موسى عليهم السلام لكن روعي في ذلك ترشيح التسلي والتأسي فقد ذكر موسى عليه السلام لأن حاله وما قاساه من قومه وكثرة آياته وتكلف أمته أشبه بحال نبينا E ثم ثني بذكر إبراهيم عليه السلام وقيل من قبل لهذا ألا ترى إلى قوله تعالى ونوحا إذ نادى من قبل أي من قبل هؤلاء المذكورين وقيل من قبل إبراهيم ولوط أه وكتابه عالمين .
51 .
- أي بأحواله وما فيه من الكمالات وهذا كقولك في خير الناس : أنا عالم بفلان فإنه من الإحتواء على محاسن الأوصاف بمنزل .
وجوز أن يكون هذا كناية عن حفظه تعالى إياه وعدم إضاعته وقد قال عليه السلام يوم إلقائه في النار وقول جبريل عليه السلام له سل ربك : علمه بحالي بغني عن سؤالي وهو خلاف الظاهر إذ قال لأبيه وقومه ظرف لآتينا على أنه وقت متسع وقع فيه الإيتاء وما يترتب عليه من أقواله وأفعاله وجوز أن يكون ظرفا لرشد