الهمزة فانقلبت ياء كذلك نجزي الظالمين .
29 .
- مصدر تشبيهي مؤكد لمضمون ما قبله أي مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي الذي يضعون الأشياء في غير مواضعها ويتعدون أطوارهم والقصر المستفاد من التقديم يعتبر بالنسبة إلى النقصان دون الزيادة أي لا جزاء أنقص منه أو لم ير الذين كفروا تجهيل لهم بتقصيرهم عن التدبر في الآيات التكوينية الدالة على عظيم قدرته وتصرفه وكون جميع ما سواه مقهورا تحت ملكوته على وجه ينتفعون به ويعلمون أن من كان كذلك لا ينبغي أن يعدل عن عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه مما لا يضر ولا ينفع والهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر وقرأ ابن كثير وحميد وابن محيصن بغير واو والرؤية قلبية أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن السماوات والأرض كانتا الضمير للسماوات والأرض والمراد من السماوات طائفتها ولذا ثني الضمير ولم يجمع ومثل ذلك قوله تعالى إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا وكذا قول الأسود بن يعفر : إن المنية والحتوف كلاهما دون المحارم يرقبان سوادي وأفرد الخبر أعني قوله تعالى رتقا ولم يثن لأنه مصدر والحمل إما بتأويله بمشتق أو لقصد المبالغة أو بتقدير مضاف أي ذاتي رتق وهو في الأصل الضم والإلتحام خلقة كان أم صنعة ومنه الرتقاء الملتحمة محل الجماع وقرأ الحسن وزيد بن علي وأبو حيوة وعيسى رتقا بفتح التاء وهو اسم المرتوق كالنقض والنقض فكان قياسه أن يثنى هنا ليطابق الإسم فقال الزمخشري : هو على تقدير موصوف أي كانتا شيئا رتقا وشيء اسم جنس للقليل والكثير فيصح الإخبار به عن المثنى كالجمع ويحسنه أنه في حالة الرتقية لا تعدد فيه .
وقال أبو الفضل الرازي : الأكثر في هذا الباب أن يكون المتحرك منه اسما بمعنى المفعول والساكن مصدرا وقد يكونان مصدرين والأولى هنا كونهما كذلك وحينئذ لا حاجة إلى ما قاله الزمخشري في توجيه الإخبار وقد أريد بالرتق على ما نقل عن أبي مسلم الأصفهاني حالة العدم إذ ليس فيه ذوات مميزة فكان السماوات والأرض أمر واحد متصل متشابه وأريد بالفتق وأصله الفصل في قوله تعالى ففتقناهما الإيجاد لحصول التمييز وانفصال بعض الحقائق عن البعض به فيكون كقوله تعالى فاطر السماوات والأرض بناء على أن الفطر الشق وظاهره نفي تمايز المعدومات والذي حققه مولانا الكوراني في جلاء الفهوم وذب عنه حسب جهده أن المعدوم الممكن متميز في نفس الأمر لأنه متصور ولا يمكن تصور الشيء إلا بتميزه عن غيره وإلا لم يكن بكونه متصورا أولى من غيره ولأن بعض المعدومات قد يكون مرادا دون بعض ولو لا التميز بينها لما عقل ذلك إذ القصد إلى إيجاد غير المتعين ممتنع لأن ما ليس بمتعين في نفسه لم يتميز القصد إليه عن القصد إلى غيره وقد يقال على هذا : يكفي في تلك الإرادة عدم تمايز السماوات والأرض في حالة العدم نظرا إلى الخارج المشاهد وأياما كان فمعنى الآية ألم يعلموا أن السماوات والأرض كانتا معدومتين فأوجدناهما ومعنى علمهم بذلك تمكنهم من العلم به بأدنى نظر لأنهما ممكنان والممكن باعتبار ذاته وحدها يكون معدوما واتصافه بالوجود لا يكون إلا من واجب الوجود .
قال ابن سينا في المقالة الثامنة من إلهيات الشفاء : سائر الأشياء غير واجب الوجود لا تستحق الوجود بل