بيان لتبعيتهم له تعالى في الأعمال أثر بيان تبعيتهم له سبحانه في الأقوال كأنه قيل هم بأمره يقولون وبأمره يعملون لا بغير أمره تعالى أصلا بأن يعملوا من تلقاء أنفسهم فالحصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور بالنسبة إلى غير أمره تعالى لا إلى أمر غيره سبحانه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم استئناف وقع تعليلا لما قبله وتمهيدا لما بعده كأنه قيل إنما لم يقدموا على قول أو عمل بغير أمره تعالى لأنه سبحانه لا يخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا فلا يزالون يراقبون أحوالهم حيث أنهم يعلمون ذلك ولا يشفعون إلا لمن ارتضى الله تعالى أن يشفع له .
وهو كما أخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث وابن أبي حاتم عن ابن عباس من قال لا إله إلا الله وشفاعتهم الإستغفار وهي كما في الصحيح تكون في الدنيا والآخرة ولا متمسك للمعتزلة في الآية على أن الشفاعة لا تكون لأصحاب الكبائر فإنها لا تدل على أكثر من أن لا يشفعوا لمن لا ترتضي الشفاعة اه مع أن عدم شفاعة الملائكة لا تدل على عدم شفاعة غيرهم وهم مع ذلك من خشيته أي بسبب خوف عذابه D مشفقون .
28 .
- متوقعون من إمارة ضعيفة كائنون على حذر ورقبة لا يأمنون مكر الله تعالى فمن تعليلية والكلام على حذف مضاف وقد يراد من خشيته تعالى ذلك فلا حاجة إليه .
وقيل : يحتمل أن يكون المعنى أنهم يخشون الله تعالى ومع ذلك يحذرون من وقوع تقصير في خشيتهم وعلى هذا تكون من صلة لمشفقون وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء والثاني خوف مع اعتناء ويعدى بمن كما يعدى الخوف وقد يعدى بعلى بملاحظة الحنو والعطف وزعم بعضهم أن الخشية ههنا مجاز عن سببها وأن المراد من الإشفاق شدة الخوف أي وهم من مهابته تعالى شديد الخوف والحق أنه لا ضرورة لارتكاب المجاز وجوز أن يكون المعنى وهم خائفون من خوف عذابه تعالى على أن من صلة لما بعدها وإضافة خشية إلى المضاف المحذوف من إضافة الصفة إلى الموصوف أي خائفون من العذاب المخوف ولا يخفى ما فيه من التكلف المستغنى عنه ثم إن هذا الإشفاق صفة لهم دنيا وأخرى كما يشعر به الجملة الأسمية وقد كثرت الأخبار الدالة على شدة خوفهم ومن ذلك ما أخرج ابن أبلي حاتم عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة أسري بي مررت بجبريل عليه السلام وهو بالملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله تعالى ومن يقل منهم أي من الملائكة عليهم السلام وقيل من الخلائق والأول هو الذي يقتضيه السياق إذ الكلام في الملائكة عليهم السلام وفي كونهم بمعزل عما قالوه في حقهم والمراد ومن يقل منهم على سبيل الفرض إني إله من دونه أي متجاوزا إياه تعالى فذلك أي الذي فرض قوله ما ذكر فرض محال نجزيه جهنم كسائر المجرمين ولا يغني عنه ما سبق من الصفات السنية والأفعال المرضية وعن الضحاك وقتادة عدم اعتبار الفرض وقالا : إن الآية خاصة بإبليس عليه اللعنة فإنه دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر والمعول عليه ما ذكرنا وفيه من الدلالة على قوة ملكوته تعالى وعزة جبروته واستحالة كون الملائكة بحيث يتوهم في حقهم ما يتوهم أولئك الكفرة ما لا يخفى .
وقرأ أبو عبد الرحمن المقريء نجزيه بضم النون أراد نجزئه بالهمز من أجزأني كذا كفاني ثم خفف