عما ألقى عليهم من البراهين العقلية والنقلية .
وقرأ الحسن وحميد وابن محيصن الحق بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق والجملة معترضة بين السبب والمسبب تأكيدا للربط بينهما وجوز الزمخشري أن يكون المنصوب أيضا على معنى التأكيد كما تقول هذا عبد الله الحق لا الباطل والظاهر أنه منصوب على أنه مفعول به ليعلمون والعلم بمعنى المعرفة .
وقوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون .
25 .
- استئناف مقرر لما سبق من آي التوحيد وقد يقال إن فيه تعميما بعد تخصيص إذا أريد من ذكر من قبلي الكتب الثلاثة ولما كان من رسول عاما معنى فكان هناك لفظ ومعنى أفرد على اللفظ في نوحي إليه ثم جمع على المعنى في فاعبدون ولم يأت التركيب فاعبدوني وهذا بناء على أن فاعبدون داخل في الموحى وجوز عدم الدخول على الأمر له صلى الله تعالى عليه وسلم ولأمته وقرأ أكثر السبعة يوحي على صيغة الغائب مبنيا للمفعول وأيا ما كان فصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورة الوحي وقالوا اتخذ الرحمن ولدا حكاية لجناية فريق من المشركين لإظهار بطلانها وبيان تنزهه سبحانه عن ذلك أثر بيان تنزهه جل وعلا عن الشركاء على الإطلاق وهم حي من خزاعة قالوا الملائكة بنات الله سبحانه ونقل الواحدي أن قريشا وبعض العرب جهينة وبني سلامة وخزاعة وبني مليح قالوا ذلك .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال قالت اليهود إن الله D صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة فنزلت والمشهور الأول والآية مشنعة على كل من نسب إليه سبحانه ذلك كالنصارى القائلين عيسى ابن الله واليهود القائلين عزير ابن الله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا والتعرض لعنوان الرحمانية المنبئة عن جميع ما سواه تعالى مربوبا له تعالى لإبراز كمال شناعة مقالتهم الباطلة سبحانه أي تنزهه بالذات تنزهه اللائق به على أن السبحان مصدر سبح أي بعد أن أسبحه تسبيحة على أنه علم للتسبيح وهو مقول على ألسنة العباد أو سبحوه تسبيحه وقوله تعالى بل عباد إضراب وإبطال لما قالوا كأنه قيل : ليست الملائكة كما قالوا بل هم عباد من حيث أنهم مخلوقون له تعالى فهم ملكه سبحانه والولد لا يصح تملكه وفي قوله تعالى مكرمون .
26 .
- أي مقربون عنده تعالى تنبيه على منشأ غلطهم وقرأ عكرمة مكرمون بالتشديد لا يسبقونه بالقول أي لا يقولون شيئا حتى يقوله تعالى أو يأمرهم به كما هو ديدن العبيد المؤدبين ففيه تنبيه على كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره D وتأدبهم معه تعالى والأصل لا يسبق قولهم قوله تعالى فأسند السبق إليهم منسوبا إليه تعالى تنزيلا لسبق قولهم قوله سبحانه منزلة سبقهم إياه D لمزيد تنزيههم عن ذلك وللتنبيه على غاية استهجان السبق المعرض به للذين يقولون مالم يقله تعالى وجعل القول محل السبق وآلته التي تسبق بها وأنيبت اللام عن الإضافة إلى الضمير على ما ذهب إليه الكوفيون للإختصاص والتجافي عن التكرار وقؤيء لا يسبقونه بضم الباء الموحدة على أنه من باب المغالبة يقال سابقني فسبقته وأسبقته ويلزم فيه ضم عين المضارع مالم تكن عينه أو لامه ياء وفيه مزيد استهجان للسبق وإشعار بأن من سبق قوله تعالى فقد تصدى لمغالبته تعالى في السبق وزيادة تنزيه عما نفي عنهم ببيان أن ذلك عندهم بمنزلة الغلبة بعد المغالبة فإنى يتوهم صدوره عنهم وهم بأمره يعملون .
27