ما يأتيهم من ذكر من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم أكمل تذكير وتبين لهم الأمر أتم تبيين كأنها نفس الذكر و من سيف خطيب وما بعدها مرفوع المحل على الفاعلية والقول بأنها تبعيضية بعيد و من في قوله تعالى من ربهم لابتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم أو بمحذوف هو صفة لذكر وأياما كان ففيه دلالة على فضله وشرفه وكمال شناعة ما فعلوا به والتعرض لعنوان الربوبية لتشديد الشنيع محدث بالجر صفة لذكر .
وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع على أنه صفة له أيضا على المحل وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما بالنصب على أنه حال منه بناء على وصفه بقوله تعالى من ربهم وقوله سبحانه إلا استمعوه استثناء مفرغ محله النصب على أنه حال من مفعول يأتيهم بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور على ما قيل وقال نجم الأئمة الرضي : إذا كان الماضي بعد إلا فاكتفاؤه بالضمير من دون الواو وقد أكثر نحو ما لقيته إلا أكرمني لأن دخول إلا في الأغلب على الأسماء فهو بتأويل إلا مكرما فصار كالمضارع المثبت .
وجوز أن يكون حالا من المفعول لأنه حال لضميره أيضا والمعنى لا يأباه وهو خلاف الظاهر وأبعد من ذلك ما قيل إنه يحتمل أن يكون صفة لذكر وكلمة إلا وإلا كانت مانعة عند الجمهور إذ التفريغ في الصفات غير جائز عندهم إلا أنه يجوز أن يقدر ذكر آخر بعد إلا فتجعل هذه الجملة صفة له ويكون ذلك بمنزلة وصف المذكور أي ما يأتيهم من ذكر إلا ذكر استمعوه وقوله تعالى وهم يلعبون .
2 .
- حال من فاعل استمعوه وقوله سبحانه لاهية قلوبهم إما حال أخرى منه فتكون مترادفة أو حال من واو يلعبون فتكون متداخلة والمعنى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث في حال من الأحوال إلا حال استماعهم إياه لاعبين مستهزئين به لاهين عنه أو لاعبين به حال كون قلوبهم لاهية عنه .
وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى لاهية بالرفع على أنه خبر بعد خبر لهم والسر في اختلاف الخبرين لا يخفى و لاهية من لهى عن الشيء بالكسر لهيا ولهيانا إذا سلا عنه وترك ذكره وأضرب عنه كما في الصحاح وفي الكشاف هي من لهي عنه إذا ذهل وغفل وحيث اعتبر في الغفلة فيما مر أن لا يكون للغافل شعور بالمغفول عنه أصلا بأن لا يخطر بباله ولا يقرع سمعه أشكل وصف قلوبهم بالغفة بعد سماع الآيات إذ قد زالت عنهم بذلك وحصل لهم الشعور وإن لم يوقفوا للإيمان وبقوا في غيابة الخزي والخذلان .
وأجيب بأن الوصف بذلك على تنزيل شعورهم لعدم انتفاعهم به منزلة العدم نظير ما قيل في قوله تعالى ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون وأنت تعلم أنه لا بأس أن يراد من الغفلة المذكورة في تفسير لهي الترك والإعراض على ما تفصح عنه عبارة الصحاح وإنما لم يجعل ذلك من اللهو بمعنى اللعب على ما هو المشهور لأن تعقيب يلعبون بذلك حينئذ مما لا يناسب جزالة التنزيل ولا يوافق جلالة نظمه الجزيل وإن أمكن تصحيح معناه بنوع من التأويل والمراد بالحدوث الذي يستدعيه محدث التجدد وهو يقتضي المسبوقية بالعدم ووصف الذكر بذلك باعتبار تنزيله لا باعتبار نفسه وإن صح ذلك بناء على حمل الذكر على الكلام اللفظي والقول بما شاع عن الأشاعر من حدوثه ضرورة أنه مؤلف من الحروف والأصوات لأن الذي يقتضيه المقام ويستدعيه حسن الإنتظام بيان أنه كلما تجدد لهم التنبيه والتذكير وتكرر على أسماعهم